أقسم أنه سيحرق نفسه أمام أطفاله… ولكن ما حدث بعد ذلك قلب حياته للأبد!

الساعة تقترب من الرابعة فجرًا، والحيّ الشعبي الذي اعتاد الهدوء ليلًا انقلب إلى فوضى. صرخات، هرج، وأطفال يبكون. في منتصف الشارع، رجل في الأربعينات يقف مرتجفًا، ملابسه مبتلّة بسائل شفاف تنبعث منه رائحة البنزين. يمسك بولاعة في يده اليمنى، ويردد كمن يتحدث مع الله: “خلاص… مش قادر. سامحني يا رب، بس أنا زهقت من الذل!”
كيف وصل هذا الأب إلى حافة الانهيار؟
اسمه “خالد”، أب لثلاثة أطفال، يعمل منذ 12 عامًا في شركة توزيع خاصة. لم يتأخر يومًا، لم يُخصم منه أجر، لم يُشتك منه أحد. كان موظفًا مثاليًا في نظر الجميع. لكنه في صباح يوم عادي، تلقى خبرًا غير عادي على الإطلاق: “تم الاستغناء عن خدماتك بسبب إعادة هيكلة داخلية.”
بلا مكافأة نهاية خدمة، بلا سابق إنذار، بلا تحذير أو فرصة للاستعداد. فجأة أصبح بلا وظيفة، بلا دخل، وبلا خطة بديلة. حاول الصمود، فبدأ بسحب ما تبقى من مدخراته الصغيرة. لكن الإيجار كان مستحقًا، وفواتير الكهرباء والماء تراكمت، ومتطلبات أطفاله لا تنتظر.
طرق أبوابًا كثيرة، عمل في التوصيل لساعات، ثم حاول التنظيف، ثم عرض خدماته كبائع متجول. لكن كل المحاولات كانت تنتهي بجملة واحدة: “أنت كبير في السن، ومفيش شغل ليك.”
الليل الذي تغيّرت فيه حياته للأبد
في تلك الليلة تحديدًا، لم يكن هناك خبز في المنزل. زوجته كانت تحاول غلي بعض الأرز فقط ليشبعوا. ابنه الصغير ظل يبكي لأكثر من ساعة لأنه يريد بسكويتًا شاهده عند أطفال الجيران. خالد جلس في زاوية الغرفة، ينظر في أعينهم المكسورة ويشعر أنه أصبح عبئًا على أسرته، بدل أن يكون سندًا لهم.
غادر البيت بهدوء، دون أن يوقظ أحدًا. ذهب إلى محطة وقود قريبة، واشترى زجاجة مياه فارغة، ثم ملأها بالبنزين. عاد إلى الحي، وقف في منتصف الشارع وسكب السائل على جسده بالكامل، ثم أمسك بالولاعة ورفعها، كأنه يودع الحياة.
حين يتدخل القدر في اللحظة الأخيرة
أحد الجيران كان مستيقظًا، فلاحظ المشهد من شرفة منزله. صرخ بأعلى صوته: “الحقوا الراجل ده هيولّع في نفسه!” تجمع الناس خلال دقائق، وجاءت الشرطة بسرعة. الضابط نزل من السيارة بهدوء، اقترب من خالد وقال له بصوت منخفض:
“أنت مش لوحدك، ومش فاشل. إنت بس محتاج حد يسمعك.”
كلمات بسيطة، لكنها كانت المفتاح لكسر السور الذي أحاط قلب خالد. انهار باكيًا، وركع على الأرض، ورمى الولاعة بعيدًا. تم نقله إلى القسم، وهناك استدعوا أخصائي دعم نفسي من جمعية مجتمعية.
استمعوا له، لم يلوموه، لم يسخَر أحد من ألمه. بل عرضت الجمعية عليه فرصة عمل بسيطة: عامل في مخزن لتوزيع المساعدات. كان الراتب بالكاد يغطي المواصلات، لكن خالد وافق، لأنه شعر للمرة الأولى منذ شهور أن هناك من آمن به.
اليد التي امتدت إليه
منذ اليوم الأول، كان خالد أول من يصل وآخر من يغادر. كان ينظف، ينظم، يحسب، يدوّن. وبعد أسبوعين فقط، طلب بنفسه أن يتعلم استخدام الكمبيوتر لتسهيل إدارة بيانات المساعدات. لم يكن التعليم سهلًا عليه في البداية، لكنه أصر، وكان يحفظ الخطوات في دفتر صغير يضعه في جيبه.
شهرًا بعد شهر، أصبح يعرف كيف يدير مخزونًا، كيف يتواصل مع المتبرعين، وكيف يفرز الحالات. وبعد ثلاثة أشهر فقط، تم ترقيته إلى “مساعد مشرف”، ثم بعد عام كامل، أصبح “مدير المخزن المسؤول عن ثلاث مناطق”.
“أنا كنت فاكر إني فاشل… النهارده ببعت مساعدات لناس زيي… واللي أنقذني كلمة من شخص صدق فيا” – خالد
رسالة لكل من يشعر أن النهاية قد اقتربت
الحياة لا تنتهي عندما نخسر عملنا، ولا تنتهي عندما يضيق بنا الحال. بل ربما تبدأ من هناك، من لحظة الانكسار. خالد لم يكن ضعيفًا عندما انهار، بل كان إنسانًا. وكان في أمسّ الحاجة لمن يفهمه، لا لمن يلومه.
في عالم قاسٍ مثل الذي نعيش فيه، مجرد كلمة، أو نظرة حانية، قد تغير مصير إنسان بالكامل. ليست كل معركة نخوضها علنية، وليست كل صرخة تُسمع. لكن كل يد نمدها، قد تكون طوق نجاة لشخص ما.
هل مررت بموقف مشابه؟
هل تعرف شخصًا شعر في لحظةٍ ما أن الحياة ضاقت به إلى حد الموت؟ لا تتركه. لا تقل له: “شد حيلك”، بل اجلس معه، استمع إليه، وقل له كما قال الضابط لخالد:
“إنت مش فاشل… إنت بس محتاج حد يسمعك.”
شارك هذه القصة… فربما تُنقذ بها خالدًا آخر يقف الآن على حافة الانهيار، ولا يعرف أن النجاة قريبة.