اجتماعان دوليان ورؤية “صمود”: خارطة شاملة لإنقاذ السودان

الخرطوم – 27 يونيو 2025
وسط تصاعد عمليات القتال المتواصلة منذ أبريل 2023، وانهيار واسع في الخدمات والإنسانية، جاءت المبادرات الدولية الجديدة محمّلة بآمال مرتفعة. فقد شهدت الأيام الأخيرة عقد اجتماعَين دوليَّين بارزين بشأن السودان، في بروكسل ومجلس الأمن، بالتزامن مع كشف تحالف “صمود” عن رؤية متكاملة من ثلاث مسارات—إنسانية، عسكرية وسياسية—تهدف لوقف الحرب وإقامة سلام فعّال مستدام .
1. المحطة الأولى: اجتماع بروكسل الاستشاري
انعقد في العاصمة البلجيكية اجتماعٌ ضم الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، الاتحاد الأفريقي وعدد من الدول العربية، لبحث دعم السودان وتنسيق جهود السلام والإغاثة. ركزت النقاشات على تعزيز المبادرات متعددة الأطراف، وتوحيدها تحت رؤية مشتركة لتفادي التداخل، واستهداف الوصول إلى هدنة إنسانية تحمّل أهمية قصوى لإنقاذ الملايين .
2. المحطة الثانية: مجلس الأمن يبحر في الأزمة السودانية
عُقدت جلسة لمجلس الأمن الدولي خصيصًا لمناقشة السودان، حيث عرضت المقترحات الأخيرة، بينها رؤية “صمود”، أمام أعضاء المجلس. وتأمل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في إصدار قرارات تُدعم وقف إطلاق النار والالتزامات بحماية المدنيين وصولًا لعملية سياسية مؤاتية .
3. “صمود” وتنسيق الرؤى: ثلاث مسارات متزامنة
طرح تحالف “صمود”، الذي يضم نحو 100 هيئة سياسية ونقابية وأهلية، رؤية شاملة لحل الأزمة عبر ثلاث مسارات متزامنة تشمل:
أ. بوصلتين إنسانية وأمنية
تهدئة فورية وإنسانية: وقف لإطلاق النار، مع ترتيبات أمنية دائمة تُؤمِّن حماية المدنيين.
ضمان إيصال مساعدات الطوارئ: دعم إنشاء ممر آمن، وتعيين منسق إقليمي للأمم المتحدة يقود الجهود ويوفر التواصل الفوري مع أطراف النزاع والمجتمع المدني لضمان وصول المساعدات وفقاً لمعايير دون تمييز .
ب. الحماية القانونية والمؤسسية
حماية المدنيين والبنية التحتية: تشكيل مجموعة عمل خاصة تشمل مختصين، يتم اختيارها بالتنسيق مع المجتمع المدني لتصميم وتنفيذ آليات حماية فعالة.
تمكين بعثة تقصي الحقائق: استمرارية عمل بعثة مستقلة تابعة لمجلس حقوق الإنسان، مع ضمان تنفيذ توصياتها وتوسيع صلاحياتها دون عوائق.
ج. مسار سياسي رفيع المستوى
يتضمن إطلاق حوار وطني موسع يستهدف معالجة الجذور العميقة للأزمة، وتأسيس انتقال ديمقراطي حقيقي. يتضمن ذلك:
ترتيب دستوري جديد يحقق توافقًا واسعًا.
سلطة مدنية انتقالية تغير نمط الحكم حتى إجراء انتخابات.
تركيز على العدالة والعدالة الانتقالية لضمان مساءلة الانتهاكات وتحقيق إنصاف للضحايا .
4. التحديات الكبرى أمام المقترحات المتزامنة
إيقاف دائم لإطلاق النار: رغم الدعوات المتكررة، يظل وقف القتال هشًا في ظل انعدام تطبيق على الأرض.
انقسامات داخلية: حرمان الحكومة من سلطة حقيقية وسط الانشقاق الحاد بين الجيش وقوات الدعم السريع.
تعطيل إنساني ممنهج: رغم الجهود الدولية، يظل أكثر من 26 مليون شخص معرضين لخطر الجوع، ونحو 15 مليون نازح، وسط تعمد الأطراف تظهر بما يناقض القوانين الدولية والمحلية .
إصرار دولي متذبذب: غياب تنسيق مشترك بين الهيئات الدولية قد يؤدي إلى استنزاف المبادرات الفردية دون تحقيق أثر دائم.
5. فرص التوفيق: كيف تُنجح رؤية “صمود”؟
لتحويل الرؤية إلى واقع، يحتاج تحالف “صمود” والداعمين إلى:
1. دمج المسارات الثلاث معا ضمن خريطة تنفيذية مشتركة تُنفذ على مراحل.
2. تقاسم أدوار دولية واضحة: يتولى الاتحاد الأفريقي المهمة الأمنية، وتدعم الأمم المتحدة المشروعات الإنسانية، ويقبل مجلس الأمن الضمانات السياسية والدستورية.
3. متابعة أمنية وإنسانية قوية: تعيين منسق إقليمي مستقل للحشد الميداني المتواصل.
4. ثقة المجتمع المدني: إشراك فعلي لتأكيد أن الحل لا يكون إلا بقيادة سودانية وبمشاركة شعبية موسعة.
6. ماذا بعد الاجتماعات؟ خطوات عملية للتحول
إصدار قرار مشترك من مجلسي السلام والأمن الأفريقي، مجلس الأمن الدولي لتطبيق فوري لوقف النار.
إطلاق آلية مشتركة تجمع بين لجنة أمنية دولية ولجنة دعم إنساني بدعم الأمم المتحدة.
بدء حوار سياسي شامل خلال الأسابيع القادمة يشارك فيه قادة مدنيون وعُسكريون.
ضمان تمويل دولي مستدام متعهد به مسبقًا لتنفيذ بنية إعادة الإعمار ودعم العودة الآمنة للنازحين.
🧭 خلاصة
تحاول اليوم دول كبرى ومؤسسات دولية كبرى إنقاذ السودان من الانهيار. رؤية “صمود” تقدم إطاراً متكاملاً يتطلب شجاعة سياسية من الخرطوم، ودعماً فعلياً من المجتمع الدولي.
النجاح هنا لا يُقاس فقط بتثبيت وقف النار، بل بإعادة بناء دولة عادلة قائمة على الثقة والعدالة والمشاركة الديمقراطية.
السودان أمام مفترق طرق: إن التوافق الدولي – بالفعل الوثيق – نحو رؤية واضحة قد يكون بداية لتحول عميق، أو فرصة مهدورة إذا غاب الإصرار والتطبيق المشترك.
54 / 100
نتيجة تحسين محركات البحث