عاجل

الحجاج المتعجلون يؤدون طواف الوداع في المسجد الحرام

في مشهد مهيب يعكس روحانية المكان وعظمة المناسبة، توافد آلاف الحجاج المتعجلين، اليوم، إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، لأداء طواف الوداع، إيذانًا بانتهاء مناسك الحج وبدء العودة إلى أوطانهم بعد أداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام. وقد ساد المشهد جو من الخشوع والبكاء والدعاء، حيث امتلأت الساحات والتوسعات بالحجاج الذين غمرت وجوههم مشاعر الامتنان والرضا بما أنعم الله به عليهم من أداء فريضة الحج.

ويُعد طواف الوداع هو آخر شعيرة يؤديها الحاج في مكة، وهو واجب عند جمهور العلماء على كل حاجٍّ غير أهل مكة، ويؤدى سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، بعد استكمال كافة مناسك الحج الأخرى من رمي الجمرات والمبيت في منى، وهو إعلان عملي عن انتهاء رحلة إيمانية امتدت لعدة أيام حافلة بالعبادة والخضوع لله عز وجل.

تنظيم محكم وجهود ميدانية ضخمة

وقد شهد المسجد الحرام صباح اليوم حركة دؤوبة من قبل الجهات المعنية بتنظيم الحشود، في مقدمتها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، ووزارة الحج والعمرة، وقطاعات الأمن العام والدفاع المدني والهلال الأحمر، حيث تم تفعيل الخطط الميدانية لتفويج الحجاج بشكل متدرج ومنظم إلى صحن المطاف.

وقد نجحت الفرق الميدانية في تنظيم مسارات مخصصة للطواف، وضبط حركة الدخول والخروج بما يتماشى مع أعداد الحجاج المتدفقة، مع الأخذ في الحسبان الحفاظ على الانسيابية الكاملة ومنع التكدس أو الازدحام، خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال النهار.

كما تم توفير كميات كبيرة من مياه زمزم المبردة وتوزيعها عبر الحافظات والممرات، إلى جانب انتشار عربات نقل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، لضمان أداء الطواف بسهولة ويسر.

مشاعر مختلطة في وداع مكة

غالبًا ما يحمل طواف الوداع طابعًا عاطفيًا خاصًا، فهو الطواف الذي يودع فيه الحاج الكعبة المشرفة، وهو لحظة تختلط فيها مشاعر الفرحة بأداء الفريضة بالحزن على مغادرة البقاع المقدسة، حيث أظهرت عدسات الكاميرات المئات من الحجاج وهم يبكون خلال الأشواط الأخيرة، رافعين أيديهم بالدعاء، وآملين العودة في عمرات أو حجات مقبلة.

وقد عبّر عدد من الحجاج عن مشاعرهم لحظة الوداع، حيث قال حاج مصري في الخمسين من عمره: “قلبي يعتصر ألمًا وأنا أبتعد عن هذا المكان الطاهر، لكنه أيضًا ينبض بالفرح لأنني أديت الفريضة كما ينبغي، وأسأل الله أن يتقبل مني ومن كل المسلمين”.

أما حاج من إندونيسيا، فقال: “هذه المرة الأولى لي في الحج، ولن تكون الأخيرة بإذن الله. سأعود إلى بلدي محمّلًا بالسلام والسكينة التي شعرت بها في مكة”.

مغادرة منظمة واستعدادات واسعة

بعد الانتهاء من طواف الوداع، بدأ الحجاج المتعجلون مغادرة مكة عبر منافذها المختلفة، سواء برًا أو جوًا أو عبر الحافلات المخصصة لنقلهم إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة أو إلى المدينة المنورة لمن اختار إكمال رحلته الإيمانية بزيارة المسجد النبوي.

وقد كثفت الجهات المختصة في وزارة الحج والعمرة ووزارة النقل أعمالها لتسهيل عملية تفويج الحجاج ومغادرتهم بشكل آمن ومنظم، عبر جداول زمنية دقيقة وبرامج تتبع تضمن عدم التزاحم، مع وجود فرق ميدانية تتابع سير الحافلات وتوجّه الحجاج في المواقف ومحطات المغادرة.

استمرار خدمة الحجاج غير المتعجلين

في المقابل، واصل الحجاج غير المتعجلين مناسكهم في منى، حيث أتموا اليوم ثاني أيام التشريق، وقاموا برمي الجمرات الثلاث، على أن يؤدوا طواف الوداع غدًا قبل مغادرتهم مكة، في حين تعمل الفرق الميدانية على استيعاب الحشود القادمة تباعًا وفق خطة التفويج المعتمدة.

ويُتوقع أن يستمر تدفق الحجاج إلى المسجد الحرام لأداء طواف الوداع على مدار الأيام الثلاثة المقبلة، بالتزامن مع انتهاء أيام التشريق، حيث ستنتهي مناسك الحج رسميًا بعد غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق الموافق 13 من ذي الحجة.

إشادة دولية بحسن التنظيم

وقد لقيت جهود المملكة في تنظيم موسم الحج هذا العام إشادة واسعة من الوفود الرسمية والبعثات الدينية من مختلف الدول الإسلامية، حيث أشادوا بالتسهيلات المقدمة، ومستوى الرعاية الصحية، والجهود التنظيمية التي سهّلت أداء المناسك رغم التحديات المناخية والعدد الكبير للحجاج.

وأكدت وزارة الحج والعمرة أن نجاح تنفيذ الخطط التشغيلية جاء نتيجة لتكامل وتنسيق أكثر من 30 جهة حكومية وأمنية وصحية، عملت ضمن منظومة واحدة هدفها راحة ضيوف الرحمن وتمكينهم من أداء الفريضة في أمن وأمان وطمأنينة.

ومع أداء طواف الوداع من قبل الحجاج المتعجلين، تكون رحلة الحج قد اقتربت من نهايتها، تاركة في القلوب أثرًا لا يُمحى، وفي الذاكرة مشاهد إيمانية تُخلد، وفي الدعاء رجاءً بلقاء قادم مع البيت العتيق.

عدد المشاهدات: 11