عاجل

الخليج يفتح أبوابه للكفاءات العربية: فرص عمل بامتيازات غير مسبوقة وتأشيرات ممولة بالكامل

في خطوة تعكس تغيرًا جوهريًا في سياسة التوظيف بدول الخليج، بدأت حكومات خليجية، على رأسها السعودية والإمارات وقطر، تنفيذ برامج توظيف جديدة تستهدف استقطاب الكفاءات العربية عبر تأشيرات عمل ممولة بالكامل، ورواتب تنافسية، وعقود طويلة الأجل في قطاعات التكنولوجيا، التعليم، الصحة، الطاقة المتجددة والخدمات اللوجستية. وتأتي هذه الخطوة كجزء من التحول الاقتصادي ضمن رؤى طموحة مثل “رؤية السعودية 2030” و”الإمارات 2071″، الهادفة إلى تقليل الاعتماد على العمالة غير الماهرة وتوسيع نطاق التوطين الذكي.

تشير التقارير الاقتصادية إلى أن منطقة الخليج تشهد تحولات كبرى في نماذج التوظيف، حيث بدأت الحكومات في تسهيل دخول المهنيين من خارج المنطقة من خلال “تأشيرات مهارات” وبرامج دعم للانتقال تشمل السكن والتأمين والتعليم، في مقابل عقود عمل شفافة ومحددة الأهداف. وتؤكد وزارة الموارد البشرية السعودية أن 2025 سيشهد توفير أكثر من 400 ألف وظيفة جديدة للمختصين العرب في مجالات مثل الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة والتعليم الرقمي.

وقد لقيت هذه المبادرات اهتمامًا واسعًا من الشباب العربي، خاصة في مصر، المغرب، تونس، السودان ولبنان، نظرًا لما توفره من استقرار مالي وحياة مهنية واعدة. وفي حديث مع أحد مسؤولي التوظيف في شركة إماراتية كبرى، أوضح أن عملية اختيار المرشحين تعتمد بشكل رئيسي على الكفاءة والتخصص، دون قيود جنسية أو تفضيل لجنسية بعينها، وأن التأشيرة تُمنح مباشرة بعد توقيع العقد دون الحاجة إلى كفيل، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ المنطقة.

ووفقًا لمؤشر “GulfTalent” فإن القطاعات الأكثر طلبًا للعرب حاليًا تشمل: تطوير البرمجيات، التعليم الإلكتروني، التمريض، تصميم تجربة المستخدم، الطاقة المتجددة، إدارة سلاسل الإمداد، التسويق الرقمي، والاستشارات القانونية. وتبدأ الرواتب من 1500 دولار شهريًا للمبتدئين وتصل إلى 7000 دولار لأصحاب الخبرة العالية، بالإضافة إلى حوافز أخرى مثل مكافآت الأداء، بدل السكن، تذاكر الطيران السنوية، وتأمين طبي عائلي.

وبرز في الفترة الأخيرة برنامج سعودي جديد يُعرف باسم “البطاقة الذهبية للخبراء العرب”، والذي يمنح إقامة لمدة 10 سنوات للمتخصصين الذين يحققون شروطًا تقنية محددة، مع إمكانية ضم أفراد الأسرة ومنح الأبناء تعليمًا مجانيًا في المدارس الدولية. ويتشابه هذا البرنامج مع نظيره الإماراتي المعروف بـ”الإقامة الذهبية”، الذي بدأ يجذب أصحاب الكفاءات من العالم العربي منذ 2020.

يقول كريم مصطفى، وهو مهندس برمجيات مصري يعمل حاليًا في جدة: “الفرق كبير بين عقود العمل الآن وقبل خمس سنوات. أصبحت الأمور أكثر مهنية، لا توجد وساطة أو استغلال، وكل شيء يتم عبر بوابات إلكترونية رسمية. حصلت على التأشيرة في أقل من أسبوعين بعد المقابلة، وكل المستندات كانت إلكترونية بالكامل”. وتابع: “أعمل حاليًا في مشروع ضخم للذكاء الاصطناعي ضمن أحد المستشفيات الكبرى، وأشعر أنني أبني مستقبلًا حقيقيًا هنا”.

لكن رغم هذه التحولات الإيجابية، حذر بعض المراقبين من ضرورة ضمان حقوق الوافدين كاملة من حيث ساعات العمل، الإجازات السنوية، وتوفير حماية قانونية من الفصل التعسفي. وأشارت منظمة العمل الدولية إلى أهمية إنشاء لجان مراقبة داخل الشركات الخليجية لضمان احترام العقود وضمان بيئة عمل عادلة.

ولتفادي عمليات النصب والاستغلال التي تزايدت على الإنترنت، نصحت سفارات الدول الخليجية المتقدمين بالاعتماد فقط على المواقع الرسمية مثل “منصة كوادر” في السعودية و”بوابة وظائف دبي” و”LinkedIn” للتحقق من فرص العمل، وعدم تحويل أي أموال إلى أفراد أو شركات غير معتمدة. وأكدت أن جميع إجراءات التقديم والتأشيرة مجانية بالكامل.

في المجمل، يعكس هذا التوجه الخليجي الجديد رغبة حقيقية في تحديث سوق العمل وإشراك الكفاءات العربية في مشاريع النهضة، بعيدًا عن البيروقراطية القديمة ونظام الكفالة التقليدي. ويفتح المجال أمام آلاف الشباب العربي لصياغة مستقبلهم في بيئة تحترم مهاراتهم وتوفر لهم استقرارًا طويل الأمد.

شارك المقال :

Avatar photo

Egaz

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير إيجاز نيوز

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *