السودان تحت وطأة موجة حر قياسية ووباء السحايا يفتك بالأرواح

تشهد السودان موجة حر غير مسبوقة، حيث لامست درجات الحرارة في بعض المناطق حاجز الـ50 درجة مئوية، ما أدى إلى تداعيات صحية وإنسانية خطيرة. وقد تزامنت هذه الأجواء الحارقة مع تفشٍ مقلق لوباء التهاب السحايا في عدة ولايات سودانية، مخلفاً وراءه عشرات الإصابات وعدداً من الوفيات.
درجات حرارة قياسية بسبب منخفض الهند الموسمي
سجّلت هيئة الأرصاد الجوية السودانية درجات حرارة فاقت 46.5 درجة مئوية في شمال البلاد و44 درجة في مدينة بورتسودان، بينما تخطت الحرارة حاجز الـ50 في ولاية البحر الأحمر، نتيجة لتأثر البلاد بمنخفض الهند الموسمي الذي يجلب موجات حرّ شديدة من شبه الجزيرة الهندية إلى شرق إفريقيا.
وقالت الأرصاد إن موجة الحر ستستمر خلال الأيام المقبلة، مشيرة إلى أن أكثر المناطق تأثراً تشمل الولايات الشمالية والشرقية ووسط السودان. وقد حذرت من استمرار ارتفاع درجات الحرارة ليلاً، مما يزيد من خطر الإجهاد الحراري والجفاف.
السحايا تحصد الأرواح في خضم الأزمة المناخية
وسط هذه الظروف المناخية القاسية، أبلغت وزارة الصحة السودانية عن تفشٍ سريع لمرض التهاب السحايا البكتيري في سبع ولايات، على رأسها ولاية الجزيرة، التي سُجل فيها أكثر من 64% من إجمالي الإصابات. وقد بلغ عدد الحالات المؤكدة حتى مطلع يوليو نحو 186 حالة، توفي منهم 15 شخصاً.
يعرف التهاب السحايا بأنه مرض خطير يصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي، ويُعتبر من الأمراض المعدية التي تنتقل عبر الرذاذ، خاصة في الأماكن المغلقة والمكتظة. وتُضاعف درجات الحرارة المرتفعة من احتمالات انتشار المرض بسبب الجفاف وضعف المناعة الناتج عن الحر.
جهود الحكومة وتحذيرات للمواطنين
دعت وزارة الصحة المواطنين إلى توخي الحذر، وتجنب الأماكن المزدحمة، والإكثار من شرب السوائل، واستعمال مظلات الرأس أثناء الخروج، خاصة في فترة الظهيرة. كما طالبت الأسر بمراقبة ظهور أعراض مثل الصداع الشديد، الحمى، وتيبّس الرقبة، التي تعد مؤشرات على الإصابة بالسحايا.
وفي محاولة لاحتواء المرض، بدأت السلطات الصحية في إرسال فرق ميدانية لتقصي الوباء، وتوزيع لقاحات في بعض المناطق النائية، إضافة إلى تكثيف التوعية المجتمعية في المدارس والمساجد.
توقعات الأرصاد: هل هناك انفراج قريب؟
رغم شدة الحرارة، توقعت هيئة الأرصاد هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة في أجزاء من جنوب البحر الأحمر وكسلا وولاية الخرطوم خلال الأيام المقبلة، ما قد يخفف مؤقتاً من حدة موجة الحر، لكن التحذيرات ما تزال قائمة من استمرار الأوضاع القاسية.
السودان في مرمى تغيّرات مناخية متطرفة
تُعَدّ هذه الظواهر المناخية مؤشراً مقلقاً على تغيّرات مناخية باتت تضرب البلاد بشكل دوري، بدءاً من الفيضانات التي اجتاحت الخرطوم في السنوات السابقة، وصولاً إلى الجفاف وحرائق الغابات في دارفور. وقد نبّه خبراء البيئة إلى ضرورة تبني الحكومة خطط طوارئ مناخية متكاملة، تشمل تحسين البنية التحتية الصحية، وتوسيع الرقعة الخضراء، وتعزيز ثقافة التعامل مع الأزمات البيئية.
فيقف السودان اليوم على مفترق طرق بين الأزمات المناخية والأوبئة المتفشية، وسط تحديات إنسانية وصحية متعاظمة. ومع استمرار درجات الحرارة في التصاعد، وتفشي أمراض موسمية خطيرة كالسحايا، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل سريع وفعّال من الجهات المعنية، مدعوماً بدور نشط من المواطنين في اتباع الإجراءات الوقائية.
للمزيد من التفاصيل والمستجدات، يُمكنكم متابعة المصدر الأصلي عبر هذا الرابط.