☰ القائمة

القمة العربية في بغداد 2025: العراق يعود إلى صدارة المشهد العربي

القمة العربية في بغداد 2025: العراق يعود إلى صدارة المشهد العربي
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

بعد أكثر من عقدين على غيابه عن منصات صنع القرار العربي، تستضيف بغداد اليوم القمة العربية الـ34، محققة تحوّلًا دبلوماسيًا كبيرًا يعيد العراق إلى صدارة المشهد الإقليمي. انعقاد القمة في 17 مايو 2025 يعكس جهودًا متواصلة بذلتها الحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لإعادة بناء صورة الدولة المحورية وتجديد العلاقات مع الدول العربية، بعد سنوات من الاضطراب الداخلي والانقسامات السياسية .

كل الاستعدادات الفنية واللوجستية وَضِعت قيد التنفيذ منذ أشهر: تم تأسيس لجان وزارية متخصصة، اجتماعات بين مسؤولي الدولة ومسؤولي جامعة الدول العربية، تنسيق أمني مشترك، وتجهيز فنادق وقاعات استقبال للوفود الزائرة . ويؤكد بيان رسمي أن العراق يسعى إلى تقديم صورة منضبطة تعكس استقراره الأمني والخدمي وتبرز فرص الاستثمار أمام الدول العربية، بعد أن كانت بغداد خارج نطاق الاهتمام، لتتحوّل اليوم إلى “منصةٌ للحوار والعمل المشترك” .

محور القمة هذا العام يتمحور حول ملف غزة، إذ أدان قادة العرب الحملة العسكرية الإسرائيلية ونددوا “بإجراءات تطهير عرقي” حدثت مؤخرًا، بينما دعت بغداد إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوسيع المساعدات الإنسانية . ويعكس هذا التوجه موقف العراق الثابت بكونه حاميًا لقضية فلسطين، خاصة بعد إطلاقه صندوق إعادة إعمار بغزة ولبنان بمساهمة مبدئية 20 مليون دولار لكل منهما .

القمة لم تنحصر عند هذا الحد، بل كشفت عن عزيمة عراقية قائمة على تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين الدول العربية. وقد أُعلن عن إنشاء “غرفة التنسيق الأمني العربي المشترك” برئاسة بغداد، بجانب مبادرات لإقامة الأسواق الحرة والمدن الصناعية المشتركة، ومبادرات للتكامل الزراعي والطاقة النظيفة . كما اقترح العراق تأسيس مركز عربي للذكاء الاصطناعي يعزز التحول الرقمي وقدّم نموذجاً لرؤية مستقبلية شاملة .

البعد الآخر للقمة هو عودة دمشق إلى حضن الجامعة العربية: فقد سحبت سوريا رئاسة القمة لصالح العراق، فيما حضر وفد دمشق برئاسة وزير خارجيتها، بعد جدل حول استدعاء رئيسها أحمد الشaraa، بسبب ماضيه المثير للجدل . كان الدافع خلف ذلك سياسيًا بجعل بغداد جسراً للحوار مع سوريا، رغم تحفظات حول تبعات ذلك داخليًا .

وتسعى بغداد إلى إبراز دور الوسيط الإقليمي عبر خطوات ملموسة على الأرض: منذ 2023، ترأست وساطات بين السعودية وإيران، وأظهرت قدرة على إحداث اختراقات في ملفات مثل اليمن وسوريا . مبادرات مثل “المشرق الجديد” (بمشاركة مصر والأردن والعراق) تمهّد لتعاون استراتيجي اقتصادي، مؤكدين أن العراق لا يود أن يعيد الكرة للدخول في ملفات الصراعات، بل أن يعزز التواصل والتكامل .

الأمن في بغداد كان واحدًا من أبرز التحديات. فلم تكن التظاهرات أو تهديدات المجموعات المسلحة سوى اختبار للنظام العراقي القائم. وقد جرى نشر قوة أمنية ضخمة وصلت إلى 100 ألف عنصر، لتنظيم حركة المرور وحماية الوفود، وهو ما أثار قلقاً لدى البعض من استغلال الملف الأمني في تقييد الحريات .

القمة أيضًا مثّلت منصة لإطلاق العديد من الاتفاقيات الاقتصادية: تم خلالها توقيع مشاريع البنية التحتية المشتركة، وتشجيع الاستثمار في الغاز والكهرباء، وتكثيف التعاون في النقل والمواصلات. ويعبّر الخبراء عن تفاؤلهم بإمكانية أن يدفع العراق نحو بيئة استثمارية أكثر شفافية عند اكتمال المسار السياسي .

الخلاصة أن القمة العربية في بغداد 2025 لن تكون مجرد اجتماع دوري، بل بداية جديدة للعراق الطامح لاستعادة دوره التاريخي في المنطقة. فالعودة إلى الحوار والعلاقات العربية، عاصمتها بغداد القديمة، باتت عنوانًا لدبلوماسيةٍ نشطة وقيمة مضافة في ملفات “الاستقرار الاقتصادي والعقائدي” في العالم العربي.

لكن الأهم أن تثمر القمة عن إجراءات ملموسة تشمل وقف الحرب في فلسطين، تعزيز التكامل العربي في الاقتصاد والأمن، وفتح آفاق جديدة للاستثمار المشترك. التحدي الآن أمام بغداد هو تحويل هذه الطموحات إلى واقع تفاوضي وقانوني، يضمن أركان التنوع السياسي ويخدم مصالح الشعوب. فإذا نجحت في ذلك، فستثبت للعالم أن العراق عاد، من قلب المعاناة، إلى منصات صنع القرار والتنمية الشاملة.

الصورة الرمزية

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير منصة إيجاز نيوز الإخبارية.

70 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

images 1 25