عاجل

ايران تصرح وواشنطن تتأهب والقواعد الأمريكية في الشرق الأوسط بحالة طوارئ

تشهد القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في الشرق الأوسط حالة طوارئ غير مسبوقة منذ أسابيع، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والنزاعات الجيوسياسية التي تهدد بتغيير موازين القوى في المنطقة. هذا التحرك المفاجئ أثار العديد من التساؤلات حول الدوافع الكامنة وراءه: هل تستعد الولايات المتحدة لمواجهة عسكرية محتملة؟ أم أن الأمر مجرد إجراء احترازي لمواجهة التطورات المتسارعة؟ وبين القراءات السياسية والاستراتيجية، تتزايد المؤشرات على أن الشرق الأوسط بات من جديد بؤرة اشتعال محتملة في خارطة الأمن العالمي.

تعزيزات وتحركات عسكرية لافتة

خلال الأسابيع الأخيرة، رُصدت تحركات عسكرية مكثفة في عدة قواعد أمريكية رئيسية بالمنطقة، من قاعدة العديد في قطر، إلى قاعدة الظفرة في الإمارات، وقاعدة علي السالم في الكويت، فضلًا عن مواقع أخرى في العراق وسوريا. وشملت التحركات وصول معدات دفاعية متطورة، وأنظمة اعتراض صواريخ، ومقاتلات متقدمة من طراز F-35، إضافة إلى نشر وحدات من مشاة البحرية (المارينز) وقوات العمليات الخاصة.

بحسب مصادر عسكرية أمريكية تحدثت لوسائل إعلام دولية، فإن هذه الإجراءات تأتي في إطار “حالة تأهب قصوى” لمواجهة “أي تهديدات محتملة للمصالح الأمريكية أو حلفائها”، خاصة مع تصاعد وتيرة الهجمات بالطائرات المسيّرة التي استهدفت قواعد أمريكية في العراق وسوريا، والتي تُنسب إلى جماعات مسلحة مدعومة من إيران.

السياق الإقليمي: منطقة تغلي

برزت هذه الاستعدادات في وقت تشهد فيه المنطقة توترات حادة بين إسرائيل وإيران، وتصعيدًا في البحر الأحمر، واستمرارًا للأزمة اليمنية، وانهيارًا أمنيًا في السودان، فضلًا عن الجمود السياسي في العراق ولبنان. كما أن الحرب في غزة ما زالت تلقي بظلالها الثقيلة على المعادلة الإقليمية، مع خشية واشنطن من أن يمتد النزاع إلى جبهات أخرى تشمل حزب الله في لبنان أو فصائل شيعية في العراق وسوريا.

الولايات المتحدة تدرك تمامًا أن أي تصعيد مفاجئ قد يضع قواتها ومصالحها في مرمى النيران، خاصة في ظل تزايد الانتقادات لدورها في بعض الأزمات، ما يفسر السعي الأمريكي لتعزيز دفاعاتها في المنطقة تحسبًا للأسوأ.

الردع أم التحضير للصدام؟

يرى محللون أن وضع القواعد الأمريكية في حالة الطوارئ لا يعني بالضرورة أن الحرب وشيكة، بل قد يكون رسالة ردع موجهة إلى خصوم واشنطن الإقليميين، وخصوصًا إيران، بأن أي تحرك عدائي ضد مصالح الولايات المتحدة سيُواجه برد حاسم. هذا ما ألمح إليه وزير الدفاع الأمريكي مؤخرًا حين قال: “نحن لا نسعى للحرب، لكننا لن نتردد في حماية جنودنا ومصالحنا”.

في المقابل، لا تخفي بعض الأطراف الإقليمية مخاوفها من أن يؤدي هذا التوتر إلى انفجار الأوضاع، خاصة إذا ما أُرفق بحسابات خاطئة أو ردود فعل مفرطة من أي طرف. ويبدو أن دول الخليج، التي تستضيف عددًا من هذه القواعد، بدأت بدورها في رفع مستوى التنسيق الأمني مع واشنطن، تحسبًا لأي طارئ.

الرد الإيراني: تصريحات وتحركات

إيران من جهتها لم تقف مكتوفة الأيدي. فبعد إعلان البنتاغون عن حالة الطوارئ، حذّر الحرس الثوري الإيراني من أن أي “اعتداء على محور المقاومة” سيُقابل برد “مزلزل”. كما رفعت إيران مستوى الجاهزية في بعض قواعدها غرب البلاد، وزادت من تسيير الطائرات المسيّرة في مناطق التماس مع العراق وسوريا.

ويُقرأ هذا التصعيد الإيراني في سياق الرسائل المتبادلة بين طهران وواشنطن، في وقت تعثرت فيه المحادثات النووية، وتراجعت فرص العودة إلى اتفاق 2015، بينما تتزايد العقوبات الأمريكية على المؤسسات الإيرانية.

القواعد الأمريكية… ما مدى الحصانة؟

رغم أن الولايات المتحدة تمتلك في الشرق الأوسط أكثر من 30 قاعدة عسكرية معلنة وغير معلنة، تتفاوت في حجمها ووظائفها، إلا أن الهجمات التي استهدفتها في الأعوام الماضية أثارت تساؤلات حول مدى قدرة هذه القواعد على الصمود أمام تهديدات غير تقليدية، خاصة الطائرات المسيّرة والصواريخ قصيرة المدى.

التقارير تشير إلى أن واشنطن بدأت مؤخرًا في تحديث منظومات الدفاع الجوي في هذه القواعد، كما فعلت في قاعدة التنف جنوب سوريا، حيث تم نشر أنظمة “ثاد” و”باتريوت” لمواجهة أي تهديد جوي محتمل.

المدنيون في دائرة القلق

في دول الخليج، حيث تتمركز أغلب القواعد الأمريكية، أثار التصعيد الأخير حالة من الترقب في أوساط السكان المحليين. ورغم أن الحكومات لم تصدر تحذيرات علنية، فإن وسائل الإعلام المحلية بدأت في الحديث عن “استعدادات احترازية” و”تنسيق مع الحلفاء الدوليين”، ما يعكس قلقًا ضمنيًا من أن تتحول هذه القواعد إلى أهداف محتملة.

كما أن بعض الشركات الأجنبية العاملة في دول المنطقة أصدرت تعليمات لموظفيها بالبقاء على اتصال دائم بالسفارات ومراعاة مستجدات الأمن المحلي، ما يدل على أن التحركات الأمريكية تركت صدى واسعًا في الأوساط الاقتصادية والدبلوماسية.

هل نحن على أعتاب تحوّل استراتيجي؟

يبقى السؤال المطروح: هل يُمثل ما يحدث مجرد تصعيد مؤقت؟ أم أننا نشهد بدايات مرحلة جديدة من المواجهة بين الولايات المتحدة وخصومها في الشرق الأوسط؟ الإجابة ليست سهلة في ظل تشابك المصالح وتعقد الملفات، لكن المؤكد أن حالة الطوارئ في القواعد الأمريكية هي مؤشر لا يمكن تجاهله على تغير قواعد اللعبة في المنطقة.

الشرق الأوسط مجددًا يقف عند مفترق طرق، والولايات المتحدة، عبر قواعدها المنتشرة، ترسل رسالة مفادها: “نحن هنا… ومستعدون لكل السيناريوهات”. لكن يبقى الرهان الحقيقي على قدرة الدبلوماسية على احتواء التوتر قبل أن تتحول الطوارئ إلى مواجهة مفتوحة.

شارك المقال :

Avatar photo

Egaz

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير إيجاز نيوز

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *