عاجل

ضربة ‘تل ابيب’ الإستباقية لمنصات إيران الصاروخية يربك حسابات ‘طهران’ !

في تطور مفاجئ وغير مسبوق، شنت إسرائيل فجر اليوم ضربة جوية مركزة استهدفت منصات إطلاق صواريخ تابعة للحرس الثوري الإيراني داخل العمق السوري، بالقرب من الحدود مع العراق. الضربة التي وصفها محللون بأنها “الأكثر دقة منذ سنوات”، نفذتها مقاتلات من طراز F-35 عبر مسارات جوية دقيقة تفادت خلالها الدفاعات الجوية الروسية والإيرانية على السواء. وأكدت مصادر استخباراتية غربية أن الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل استند إلى معلومات استخباراتية عالية المستوى تم جمعها خلال الأسابيع الماضية حول مواقع تموضع وتخزين وإطلاق صواريخ أرض-أرض إيرانية الصنع.

ووفقًا لتقارير ميدانية، فإن الضربة أسفرت عن تدمير كامل لمنصتين صاروخيتين من طراز “فاتح-110” وأخرى من نوع “قيام”، إضافة إلى إصابة منشأة تستخدم لتجميع أجزاء الصواريخ ونقلها إلى وحدات العمليات المتقدمة في سوريا والعراق ولبنان. وتشير صور الأقمار الصناعية التي تم تحليلها بعد الهجوم إلى وجود أضرار جسيمة بالبنية التحتية، مع تدمير عدة مركبات لوجستية ومخازن أسلحة.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي لم ينفِ الهجوم، بل اكتفى بتصريح مقتضب قال فيه إن “الجيش الإسرائيلي سيواصل منع التموضع الإيراني في الجبهة الشمالية، وسيضرب في أي وقت وأي مكان يُهدد فيه أمن إسرائيل”. هذا البيان المقتضب فُهم على نطاق واسع كإشارة إلى بداية مرحلة جديدة في سياسة الردع الإسرائيلية، تقوم على الهجوم الاستباقي بدلًا من الدفاع.

الرد الإيراني لم يتأخر كثيرًا، إذ عقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني اجتماعًا طارئًا ترأسه اللواء علي أكبر أحمديان، وتم خلاله بحث طبيعة الهجوم وخيارات الرد. وفي بيان رسمي، اعتبرت طهران أن “العدوان الإسرائيلي عمل عدائي خطير لن يمر دون رد”، مشيرة إلى أن الضربة استهدفت “مواقع دفاعية مخصصة لحماية سيادة سوريا”، وفق تعبيرها. كما أعلنت القيادة العسكرية عن رفع حالة الجهوزية إلى الدرجة القصوى في عدد من القواعد الصاروخية داخل إيران.

المراقبون يرون أن الضربة الإسرائيلية تحمل رسائل استراتيجية تتجاوز حدود الموقع الجغرافي المستهدف. فهي تأتي في وقت تتصاعد فيه التهديدات من قبل الميليشيات الموالية لإيران في كل من العراق واليمن، فضلًا عن تصعيد غير مسبوق من حزب الله على الحدود اللبنانية. وبحسب محللين عسكريين، فإن اختيار إسرائيل لمنصات الإطلاق كأهداف رئيسية يعكس قلقًا متزايدًا من قيام إيران بتزويد حلفائها بصواريخ دقيقة قد تغير معادلة الردع في المنطقة.

الخبير الأمني الإسرائيلي إيال زيسر اعتبر أن الضربة “تؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع التهديد الإيراني، عبر تحييد القدرات قبل استخدامها، بدلًا من الاكتفاء بالرد بعد وقوع الهجوم”. وأضاف في تصريح صحفي: “إيران كانت تعول على أن تنجح في بناء شبكة من المنصات الصاروخية عبر سوريا ولبنان، لتستخدمها كورقة ضغط في أي مواجهة قادمة. هذه الضربة أجهضت ذلك المخطط في مهده”.

في المقابل، يرى محللون إيرانيون أن طهران لن تتسرع في الرد المباشر، لكنها ستسعى إلى امتصاص الضربة وإعادة التموضع بهدوء. ويشير الصحفي الإيراني المقرب من دوائر الحرس الثوري، كيانوش جهانبخش، إلى أن “إيران ستختار الزمان والمكان المناسبين للرد، وقد يكون الرد عبر وكلائها الإقليميين، لا سيما من الجنوب اللبناني أو عبر استهداف المصالح الإسرائيلية في الخارج”.

وفي ظل الترقب، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن الهجوم أدى إلى مقتل أربعة عسكريين وإصابة آخرين، كما تسبب في أضرار مادية كبيرة، في حين امتنعت عن الكشف عن جنسية الضباط المستهدفين. لكن مصادر محلية أفادت بوجود عناصر إيرانية بين القتلى، وهو ما يعزز التقديرات بأن الهجوم كان يهدف بشكل أساسي إلى ضرب العمود الفقري للبنية الصاروخية الإيرانية في سوريا.

ردود الفعل الدولية على الضربة تفاوتت بين الدعوة إلى ضبط النفس وبين تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. فقد أصدرت الخارجية الأمريكية بيانًا جاء فيه أن “إسرائيل تملك الحق في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية مواطنيها، طالما التهديد الإيراني مستمر في التوسع”. أما روسيا، فعبّرت عن “قلقها العميق من التصعيد المتواصل”، داعية الأطراف إلى تجنب المزيد من المواجهات التي قد تخرج عن السيطرة.

الضربة الإسرائيلية وما تبعها من تداعيات أوجدت حالة من الإرباك داخل الدوائر الأمنية الإيرانية، وفقًا لتقارير مسربة من طهران. فالهجوم كشف عن ثغرات استخباراتية وأمنية في عمليات نقل وتجهيز منصات الإطلاق، كما فتح الباب أمام تساؤلات داخل القيادة الإيرانية حول مدى قدرة الحرس الثوري على حماية منشآته خارج الحدود. وتؤكد مصادر مطلعة أن هناك تعليمات مباشرة صدرت بإعادة تقييم كافة النقاط العسكرية التي تقع ضمن نطاق الطيران الإسرائيلي، مع دراسة إمكانية نقل بعض الوحدات إلى مواقع أكثر أمنًا داخل العمق السوري.

على الأرض، استمرت حالة الاستنفار القصوى في شمال إسرائيل، مع تفعيل القبة الحديدية وتكثيف الدوريات على امتداد الحدود مع لبنان وسوريا. كما رفعت قيادة الجبهة الداخلية حالة التأهب تحسبًا لأي رد مفاجئ، خصوصًا في ظل توقعات بأن تلجأ طهران إلى تنفيذ هجمات غير تقليدية، سواء عبر الطائرات المسيّرة أو هجمات إلكترونية.

في المحصلة، يُعد هذا الهجوم نقطة تحول في قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران، إذ لم يعد الردع يقتصر على التهديد أو الضربات الانتقامية، بل بات يشمل مبادرة استراتيجية لإجهاض الخطر قبل ولادته. وبينما تحاول طهران استيعاب الصدمة وإعادة ترتيب أوراقها، يبدو أن تل أبيب ماضية في سياستها الجديدة، مدفوعة بحسابات أمنية دقيقة ورسائل واضحة إلى خصومها، مفادها أن أي تهديد مباشر أو غير مباشر سيُقابل برد فوري، مهما كانت تبعاته.

شارك المقال :

Avatar photo

Egaz

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير إيجاز نيوز

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *