قالوا له: لا تصلح لشيء… فردّ عليهم باختراع أنقذ الآلاف

كانوا يضحكون عليه في المدرسة، يقولون إنه بطيء، فوضوي، لا يجيد شيئًا سوى التحديق في السماء أو تفكيك الأشياء من حوله.
لم يفهمه أحد. لا المعلمون، ولا زملاؤه، ولا حتى عائلته. كانوا يرونه عبئًا، فتى بلا أفق، لا يحب الدراسة، لا يملك مهارات التواصل، ولا يبدو عليه أنه سينجح في أي شيء.
لكن (ك،ع)، الفتى الصامت الذي لم يتحدث كثيرًا، كان يعيش عالمًا داخليًا يعج بالأفكار. لم يكن غبيًا، كان مختلفًا. وكلما زادت عزلته، ازداد تركيزه. وكلما قالوا له “لا تصلح لشيء”، زاد إصراره على أن يُثبت أنه ليس كما يظنون.
غرفة من الخردة… وبداية التحوّل
في سن الرابعة عشرة، بدأ يجمع القطع التالفة من الأجهزة المرمية في الحي. تلفاز مكسور، مروحة قديمة، شاحن محترق، أسلاك مبعثرة… كان يحول غرفته إلى ورشة سرية صغيرة، يعبث فيها بالأجزاء ويعيد تركيبها بلا دليل، فقط بالحدس والتجريب.
وفي يوم ممطر، حين انقطعت الكهرباء عن الحي، خرجت أمه إلى الغرفة غاضبة تبحث عن شمعة، لكنها توقفت مبهورة أمام مشهد لم تتوقعه: لمبة صغيرة تتوهج على طاولة (ك،ع)، موصولة ببطارية أعاد شحنها بطريقة بدائية!
ابتسم لها وقال: “أقدر أوفر النور… لو وثقتم بي قليلًا”.
الصمت الذي يصنع المعجزات
مع الوقت، تطور فضوله إلى ابتكار. لم يكن يتحدث كثيرًا، لكنه كان يكتب أفكاره على دفاتر صغيرة: نظام توليد كهرباء من حرارة الشمس، جهاز تبريد منخفض التكلفة، طريقة لإعادة تدوير الماء…
لكن ذروة لحظته لم تأتِ إلا بعد أن لاحظ شيئًا مؤلمًا: صديقه الصغير، شقيقه في الرضاعة، أصيب بضيق تنفس لأن المستشفى القريب لا يحتوي على جهاز تنقية هواء ملائم. ظل يفكر… هل يمكنه فعل شيء؟
الاختراع الذي أنقذهم
بعد شهور من العمل الدؤوب، والقراءة في الكتب القديمة، ومشاهدة فيديوهات قديمة في مكتبات الإنترنت المجانية، استطاع أن يصمم جهازًا بدائيًا لتنقية الهواء باستخدام مواد بسيطة متاحة في الأسواق المحلية: فلاتر، مروحة، بطارية، وصندوق بلاستيكي.
اختبره أولًا على نفسه، ثم على غرفة أخيه، وكانت النتائج مدهشة: انخفضت نسبة الغبار والروائح خلال أقل من 30 دقيقة.
نشر فكرته على صفحة مجهولة عبر الإنترنت، مرفقًا التصاميم. وخلال أسبوع، انهالت عليه الرسائل من أطباء ومهندسين ومهتمين بالابتكار الإنساني، يطلبون منه تفاصيل أكثر.
عندما يؤمن بك العالم… بعد أن تخلى عنك القريبون
تم تبني فكرته في عدة مستشفيات ميدانية بمناطق نائية، وأسهمت فكرته البسيطة في تقليل مضاعفات الجهاز التنفسي على المئات، بل الآلاف من المرضى. كل ذلك بدون أن يحمل شهادة جامعية، أو حتى ينال علامات جيدة في المدرسة.
وفي مؤتمر للابتكارات المحلية، وقف شاب هادئ الملامح على المنصة، ووراءه صورة جهازه البسيط. صفق له الحضور طويلًا، وسأله المقدم عن شعوره وهو يحقق هذا الإنجاز.
ردّ مبتسمًا: “قالوا لي إنني لا أصلح لشيء… فأردت أن أثبت أن كل إنسان يُولد بقدرة على التغيير. فقط يحتاج من يصدّق به.”
اخيرا : لا تُقصِ أحدًا من حلمه
قصة (ك،ع) تُذكرنا بأن الأحكام المسبقة قد تُقصي عبقريًا. وأن من نصِفه اليوم بالفشل، قد يكون منقذًا في الغد. لا تنظر إلى الصمت كضعف، ولا إلى الانطواء كفشل، فقد تكون تلك هي علامات عبقرية ناعمة تتشكّل بهدوء.
في النهاية… كم من طفل نُعِت بالعجز، يحمل في داخله اختراعًا قادرًا على تغيير العالم؟
52 / 100
نتيجة تحسين محركات البحث