في خطوة مفصلية في تاريخ السودان الحديث، عيّن الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الدكتور كامل الطيب إدريس رئيسًا للوزراء في 19 مايو 2025، ليكون أول من يتولى هذا المنصب منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. يأتي هذا التعيين في وقت حساس تمر فيه البلاد بأزمة إنسانية وسياسية عميقة، حيث قُتل أكثر من 20,000 شخص، ونزح نحو 13 مليونًا، ويواجه نصف السكان خطر الجوع .
من هو الدكتور كامل إدريس؟
ولد كامل الطيب إدريس في 26 أغسطس 1954، وهو شخصية بارزة في الساحة الدولية، حيث شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) من 1997 إلى 2008، وكان أيضًا رئيسًا للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية (UPOV). يُعرف إدريس بخلفيته القانونية والأكاديمية، حيث عمل مستشارًا قانونيًا في بعثة السودان لدى الأمم المتحدة وعضوًا في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة .
خلفية التعيين والظروف السياسية
يأتي تعيين إدريس بعد سلسلة من التطورات السياسية والعسكرية في السودان. ففي فبراير 2025، أعلنت الحكومة السودانية عن تعديلات دستورية مددت الفترة الانتقالية لمدة 39 شهرًا، ومنحت مجلس السيادة ومجلس الوزراء صلاحيات تشريعية وتنفيذية مشتركة حتى تشكيل مجلس تشريعي جديد . وفي نفس الشهر، أعلنت قوات الدعم السريع (RSF) عن تشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، مما زاد من تعقيد المشهد السياسي .
التحديات والمهام المنتظرة
يواجه إدريس تحديات جسيمة في منصبه الجديد، أبرزها:
إعادة بناء الدولة: تشكيل حكومة انتقالية فعالة تضم كفاءات مستقلة، والعمل على إعادة هيكلة مؤسسات الدولة المتضررة من الحرب.
تحقيق السلام:
التفاوض مع الفصائل المسلحة، بما في ذلك قوات الدعم السريع، للوصول إلى اتفاق سلام شامل يُنهي النزاع المستعر.
التحضير للانتخابات:
وضع خارطة طريق واضحة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية، بالتعاون مع المجتمع الدولي.
معالجة الأزمة الإنسانية:
توفير المساعدات الإنسانية للنازحين والمتضررين من الحرب، والعمل على إعادة تأهيل البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ردود الفعل الدولية والتوقعات :
رحبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بتعيين إدريس، معتبرين أنه خطوة نحو استعادة الحكم المدني وتحقيق الاستقرار في السودان . ويرى محللون أن خلفية إدريس غير السياسية قد تساعده في كسب ثقة مختلف الأطراف، بما في ذلك بعض مؤيدي قوات الدعم السريع .
النظرة المستقبلية لإمكانية الصمود :
بينما يُنظر إلى تعيين إدريس كخطوة إيجابية نحو استعادة الحكم المدني، فإن نجاحه يعتمد على قدرته في مواجهة التحديات المعقدة التي تواجه السودان الان . يتطلب الأمر دعمًا داخليًا وخارجيًا لتحقيق السلام والاستقرار، وإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية تلبي تطلعات الشعب السوداني المنكوب .