عاجل

البرتغال وإسبانيا .. قمة مثيرة في نهائي دوري الأمم الأوروبية

في ليلة كروية حافلة بالإثارة والترقّب، ضرب المنتخبان الكبيران، البرتغال وإسبانيا، موعدًا ناريًا في نهائي بطولة دوري الأمم الأوروبية، في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين، وتعد جماهير القارة العجوز بكرة قدم حقيقية، تجمع بين التاريخ والمهارة، وبين صراع الجوار وتنافس الهيبة.

المباراة المرتقبة لا تُمثل فقط ختامًا لدورة تنافسية صاعدة على مستوى المنتخبات، بل تُجسّد أيضًا ملامح الصراع الإيبيري الكروي المتجدد، حيث يلتقي الجاران في معركة تكتيكية مفتوحة، يسعى كل منهما فيها لتأكيد جدارته واستحقاقه بلقب البطولة.

صراع من نوع خاص

البرتغال تدخل هذه المباراة وهي تطمح لإضافة لقب جديد إلى سجلها القاري، بعد تتويجها بلقب النسخة الأولى من دوري الأمم عام 2019، وكذلك بطولة أوروبا 2016. منتخب يقوده الجيل الذهبي بامتياز، يتقدمهم النجم المتألق برونو فرنانديز، والمهاجم القاتل كريستيانو رونالدو، الذي رغم تقدّمه في السن، ما يزال حاضرًا بروحه القيادية ولمساته الحاسمة.

في المقابل، تأتي إسبانيا إلى هذه المواجهة بوجه جديد يراهن على التجديد والتوازن، تحت قيادة المدرب المحنك لويس دي لا فوينتي، الذي تولّى المسؤولية بعد فترة عدم استقرار نسبي. “لا روخا” يعتمد اليوم على مزيج من الخبرة والشباب، حيث يبرز النجم الصاعد غافي إلى جانب المخضرم ألفارو موراتا، مع عودة الروح الجماعية التي طالما ميّزت أسلوب التيكي تاكا الإسباني.

الطريق إلى النهائي

لم يكن طريق المنتخبين مفروشًا بالورود. البرتغال تصدرت مجموعتها بعد انتصارات قوية على منتخبات مثل سويسرا والتشيك، مع أداء جماعي منظم، خاصة على المستوى الدفاعي. أما في نصف النهائي، فقد تجاوزت البرتغال عقبة صعبة أمام منتخب إيطاليا في مباراة مثيرة انتهت بنتيجة 3-2، شهدت تألق الحارس ديوغو كوستا وتأكيد قوة خط الوسط بقيادة أوتافيو وفرنانديز.

أما إسبانيا، فقد جاءت من مجموعة قوية ضمت ألمانيا وسويسرا والتشيك، وقدّمت خلالها مستويات متباينة، لكنها عادت بقوة في الأدوار الحاسمة، عندما أطاحت بمنتخب كرواتيا العنيد في نصف النهائي، في لقاء حبس الأنفاس حتى اللحظات الأخيرة، وانتهى بركلات الترجيح، تألق فيها الحارس أوناي سيمون بشكل لافت.

مواجهة تكتيكية على أعلى مستوى

من الناحية الفنية، تحمل هذه المباراة أبعادًا استراتيجية عميقة، إذ يجيد الفريقان التحكم في نسق اللعب وفرض أسلوبهما على الخصم. البرتغال تميل إلى اللعب المتوازن بين الدفاع الصلب والارتداد السريع، مستفيدة من مهارات برناردو سيلفا ورؤية فيتينيا. بينما تسعى إسبانيا إلى الاستحواذ والتحكم في إيقاع المباراة، متكئة على دقة بيدري وسرعة يريمي بينو في التحولات.

المدرب روبرتو مارتينيز، المدير الفني للبرتغال، عبّر عن ثقته الكبيرة في فريقه، معتبرًا أن “الخبرة ستلعب دورًا محوريًا في الحسم”. أما لويس دي لا فوينتي، فأكد أن “روح الشباب والرغبة الجامحة في تحقيق المجد ستدفع بإسبانيا نحو اللقب”.

أكثر من مجرد لقب

بعيدًا عن الجوانب الرياضية، تمثل هذه المواجهة إعادة تأكيد على أهمية دوري الأمم كمسابقة جديدة باتت تحظى بزخم متزايد، بعدما كانت في بداياتها محط تشكيك من بعض الأوساط الإعلامية والجماهيرية. واليوم، تُثبت هذه البطولة أنها قادرة على خلق مواجهات كبرى خارج السياق التقليدي لكأس العالم أو كأس أوروبا.

من جهة أخرى، تحمل المباراة دلالات وطنية ومعنوية لكلا المنتخبين. فالبرتغال تسعى لتكريس حضورها كقوة أوروبية متماسكة في العقد الأخير، بينما تتطلع إسبانيا إلى استعادة صورة “الأبطال” بعد سنوات من التراجع منذ مونديال 2014.

جمهور منتظر وإثارة مضمونة

ستُقام المباراة على أحد الملاعب الكبرى في أوروبا وسط حضور جماهيري متوقع يفوق 50 ألف متفرج، فضلًا عن ملايين المشاهدين حول العالم الذين سيحبسون أنفاسهم لمتابعة هذا الصدام الكروي الفريد. وفي ظل الأجواء المشحونة بين الطرفين في لقاءاتهما الأخيرة، من المتوقع أن تكون المباراة مشتعلة من الدقيقة الأولى وحتى صافرة النهاية.

وبغض النظر عن من سيفوز باللقب، فإن الكرة الأوروبية ستكون الرابح الأول، بعدما باتت هذه البطولة مساحة جديدة لإبراز المواهب، وتجديد حيوية التنافس بين كبار القارة.

في ختام هذه المواجهة الكبرى، سيُسدل الستار على نسخة مثيرة من دوري الأمم الأوروبية، وستُضاف صفحة جديدة إلى سجل الصراع الإيبيري. فهل تحسمها خبرة البرتغال وتوهّج نجومها، أم تكون كلمة الفصل للشباب الإسباني المتعطش لاستعادة المجد؟ سؤال سيجيب عليه الملعب وحده.

عدد المشاهدات: 8