عاجل

فرصة ذهبية: البرتغال تفتح أبوابها للناطقين بالعربية ببرنامج توظيف شامل وتأشيرة ممولة

في خطوة تُعد من أبرز مبادرات أوروبا لدمج الكفاءات الأجنبية وتعزيز التنوع في سوق العمل، أعلنت الحكومة البرتغالية عن برنامج توظيف دولي يستهدف المتحدثين باللغة العربية، يتضمن فرص عمل دائمة ورواتب تنافسية وتأشيرات عمل ممولة بالكامل. وتأتي هذه المبادرة في سياق جهود الدولة لمواجهة تحديات الشيخوخة السكانية ونقص اليد العاملة، وخاصة في قطاعات رئيسية تشهد توسعًا مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية والسياحة.

وبحسب التصريحات الرسمية الصادرة عن وزارة العمل البرتغالية، فإن هذا البرنامج يركز على جذب العمالة من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا سيما من الدول التي تواجه تحديات اقتصادية أو سياسية. ويشمل البرنامج عقود عمل طويلة الأجل في عدة مجالات حيوية، أبرزها: تطوير البرمجيات، دعم العملاء، الترجمة، الخدمات اللوجستية، الضيافة، وتمريض كبار السن.

ما يميز البرنامج البرتغالي عن مبادرات مشابهة في دول أوروبية أخرى هو الدعم الحكومي الكامل في مراحل التوظيف، من تجهيز العقود وحتى استخراج التأشيرات والإقامة. وتشير الوثائق الرسمية إلى أن المتقدمين المقبولين سيحصلون على تأشيرة D3 للعمل المتخصص، وهي تأشيرة تتيح للمقيمين الحصول على الإقامة الدائمة بعد خمس سنوات، ثم التقديم للجنسية لاحقًا إذا استوفوا الشروط.

ويستهدف البرنامج بالأساس الكفاءات الشابة والمهنيين الذين يتمتعون بمهارات لغوية وتقنية، مع تركيز خاص على من يجيدون الإنجليزية أو البرتغالية إلى جانب العربية. ووفقًا لممثل دائرة الهجرة البرتغالية، فإن أولوية التوظيف ستُمنح لأولئك الذين لديهم شهادات جامعية أو خبرة عملية لا تقل عن عامين، خاصة في المجالات الرقمية والطبية، حيث تعاني البلاد من نقص حاد في الموارد البشرية منذ جائحة كورونا.

المثير للاهتمام أن البرنامج لا يقتصر على توفير وظائف، بل يتضمن أيضًا باقات دعم للاستقرار تتنوع بين دورات اندماج ثقافي، ودعم في إيجار السكن، وتأمين صحي شامل، وحتى فرص لتعليم الأطفال باللغة البرتغالية ضمن مدارس حكومية مجانية. وتقوم الحكومة بالتعاون مع شركات القطاع الخاص لتأمين عقود رسمية يتم التحقق منها مسبقًا، لضمان عدم استغلال الوافدين أو دفعهم للعمل في ظروف مجحفة.

وقد لقي البرنامج اهتمامًا واسعًا على منصات البحث عن العمل، إذ ارتفعت نسبة البحث عن “فرص عمل في البرتغال للعرب” بنسبة تجاوزت 300% خلال الأسبوع الأول من الإعلان. وتداولت مواقع التوظيف الدولية قائمة بالشركات البرتغالية التي فتحت باب التقديم، منها شركات في لشبونة وبورتو وفارو، وأغلبها تقدم رواتب تبدأ من 1200 إلى 2500 يورو شهريًا بحسب التخصص.

يقول سامي عيسى، وهو شاب مصري مقيم في القاهرة، إن الإعلان شكّل بالنسبة له “أملًا واقعيًا للهجرة بطريقة شرعية وآمنة”، خاصة أنه يعمل كمطور ويب منذ 4 سنوات ويتحدث الإنجليزية بطلاقة. ويضيف: “أرسلت سيرتي الذاتية عبر بوابة العمل الوطنية البرتغالية، وتم التواصل معي خلال أسبوع لإجراء مقابلة افتراضية مع إحدى شركات تكنولوجيا التعليم في لشبونة. شعرت لأول مرة أن هناك برنامجًا واضحًا وصادقًا بدون سماسرة ولا غموض”.

لكن رغم الإيجابيات، يحذر بعض الخبراء من أن البرنامج قد يواجه تحديات في التنفيذ، مثل بطء الإجراءات البيروقراطية أو الضغط على خدمات الإسكان في المدن الكبرى. كما يشير تقرير صادر عن مركز الدراسات الأوروبية في بروكسل إلى أن اندماج الأجانب الناطقين بالعربية يحتاج إلى جهود مضاعفة من حيث تعليم اللغة وتقبل التنوع الثقافي، وهي مهمة تقع على عاتق الدولة والمجتمع المدني معًا.

وعلى المستوى الرسمي، دعت السفارات البرتغالية في الدول العربية إلى التحقق من فرص العمل من خلال القنوات المعتمدة فقط، مثل بوابة العمل الوطنية (IEFP) أو المواقع الإلكترونية لشركات التوظيف المرخصة. كما شددت على أن جميع الخدمات مجانية، ولا يُسمح لأي طرف ثالث بفرض رسوم مقابل التقديم أو المتابعة، وأنه سيتم محاسبة أي جهة يثبت تورطها في أنشطة مشبوهة.

من جانبها، أكدت وزارة الخارجية البرتغالية أنها تسعى لتوسيع البرنامج مستقبلًا ليشمل أفراد عائلات العاملين، مع منح الأولوية للمّ الشمل وتسهيل انتقال الأزواج والأبناء، بشرط إثبات قدرة مالية واستقرار مهني. كما سيُمنح المتفوقون في الوظائف منحًا خاصة لتعلم اللغة البرتغالية مجانًا في الجامعات الوطنية.

يُذكر أن البرتغال تُصنف ضمن أفضل الدول الأوروبية من حيث جودة الحياة، وتتميز بانخفاض تكاليف المعيشة مقارنة بجيرانها، إلى جانب مناخ معتدل وبنية تحتية متطورة. وقد سجّلت خلال السنوات الماضية ارتفاعًا في أعداد الوافدين من خارج الاتحاد الأوروبي، لا سيما من البرازيل وأنغولا وسوريا ومؤخرًا من مصر والمغرب والسودان واليمن.

ومع هذه المبادرة الجديدة، يبدو أن البرتغال تضع نفسها على خريطة الوجهات الأوروبية الأكثر ترحيبًا بالعرب الباحثين عن فرص مهنية وحياة مستقرة بعيدًا عن الأزمات والصراعات. فهل تنجح التجربة البرتغالية في بناء نموذج هجرة مستدام ومثمر للطرفين؟ هذا ما ستجيب عنه السنوات القادمة.

شارك المقال :

Avatar photo

Egaz

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير إيجاز نيوز

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *