عاجل

خطر بيئي نووي يلوح بالأفق : ماذا لو سقط صاروخ على منشأة نووية في الشرق الأوسط؟

في خضم التصعيد المتواصل في منطقة الشرق الأوسط، تتزايد المخاوف من سيناريو مرعب قد يحوّل النزاع السياسي والعسكري إلى كارثة بيئية وصحية عالمية. هذا السيناريو يتمثل في احتمال تعرض منشآت نووية حساسة لهجمات مباشرة خلال الحرب، سواء في إيران أو إسرائيل، وهو احتمال بات أقرب من أي وقت مضى وسط التهديدات المتبادلة والتلويح الدائم بالخيار العسكري.

هل أصبح المستحيل ممكنًا؟ العالم على حافة كارثة نووية

لطالما كانت المنشآت النووية خطوطًا حمراء في الحروب التقليدية، نظرًا لما تمثله من خطر مدمر لا يقتصر تأثيره على بلد واحد، بل يمتد إلى دول وقارات بأكملها. ومع اشتداد النزاع الإقليمي، خاصة بين إسرائيل وإيران، يبرز التساؤل المرعب: ماذا لو تم استهداف مفاعل ديمونا الإسرائيلي أو مفاعل بوشهر الإيراني بصاروخ موجه أو ضربة جوية؟

بحسب خبراء الطاقة الذرية، فإن الهجوم المباشر على منشأة نووية لا يشبه استهداف قاعدة عسكرية أو مستودع سلاح تقليدي، بل هو قنبلة موقوتة تحمل في طياتها تلوثًا إشعاعيًا هائلًا قد يستمر أثره لمئات السنين.

إشعاعات قاتلة بلا حدود: كيف سينتشر الخطر؟

تشير دراسات علمية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمات بيئية مستقلة إلى أن تدمير مفاعل نووي سيؤدي إلى تسرب مواد مشعة في الجو، قد تمتد إلى مئات الكيلومترات بفعل الرياح والتيارات الجوية. وهذا يعني أن الخطر لا يقتصر على موقع الضربة، بل قد يصل إلى دول الخليج، تركيا، العراق، الأردن، وشرق أوروبا خلال أيام قليلة فقط.

وفي أسوأ السيناريوهات، فإن سحابة نووية قد تنتشر كما حدث في كارثة تشيرنوبل عام 1986، ولكن بفعل الأسلحة الحديثة، فإن حجم الانفجار والتسرب قد يكون أشد، وأكثر تعقيدًا من ناحية السيطرة والاحتواء.

الكلفة البشرية: أمراض مزمنة وتشوهات مستقبلية

المخاوف لا تتعلق فقط بالتلوث البيئي، بل أيضًا بالتأثيرات الصحية المدمرة. إذ تحذر تقارير طبية من أن التعرض للإشعاعات النووية يؤدي إلى أمراض خطيرة مثل سرطان الدم، سرطان الغدة الدرقية، وأمراض في الجهاز التنفسي والهضمي، بالإضافة إلى التأثير على الخصوبة وحدوث تشوهات خلقية لدى الأجيال القادمة.

وبحسب تقديرات مؤسسة السلام الأخضر (Greenpeace)، فإن أي انفجار نووي موجه – حتى وإن كان محدودًا – قد يؤدي إلى إصابة مئات الآلاف وربما الملايين، ويحتاج إلى عقود طويلة لمعالجة آثاره النفسية والطبية.

الاقتصاد يدفع الثمن أيضًا: مليارات الدولارات وخسائر لا تُعوض

الأضرار الاقتصادية في حال وقوع كارثة نووية ستكون هائلة. فالمناطق المتضررة ستُهجر تمامًا، وتحتاج إلى عمليات تطهير تستمر لعقود. كما أن القطاع الزراعي سيُدمر، والمياه الجوفية ستتلوث، مما يؤدي إلى نقص حاد في الغذاء والماء النظيف.

بالإضافة إلى ذلك، فإن حركة الطيران، التجارة الإقليمية، والأسواق العالمية ستتأثر، خاصة مع احتمالية إغلاق ممرات ملاحية حيوية مثل مضيق هرمز أو قناة السويس بسبب المخاطر الإشعاعية المحتملة.

هل يستعد العالم لمثل هذا السيناريو؟ الإجابة تُثير القلق

على الرغم من خطورة هذه الفرضية، إلا أن العالم لا يبدو مستعدًا فعليًا لمواجهة كارثة نووية في منطقة الشرق الأوسط. فالانقسام الحاد داخل مجلس الأمن الدولي، وغياب اتفاقات فاعلة لخفض التصعيد النووي، يجعل من إمكانية وقوع الخطأ أو الاستهداف المتعمد احتمالًا أكثر واقعية مما نظن.

حتى الآن، لا توجد خطط طوارئ دولية معتمدة للتعامل مع سيناريو تسرب نووي في الشرق الأوسط، وهو ما يجعل العالم في موقف العاجز المتفرج أمام تهديد نووي محتمل، لا يملك الأدوات الكافية للسيطرة عليه.

مسؤولية الأطراف المتنازعة… والعالم أجمع

من الضروري التذكير بأن أي هجوم على منشأة نووية لا يضر العدو فقط، بل يهدد الإنسانية بأكملها. لذا فإن تحميل المسؤولية يجب ألا يقتصر على الأطراف المباشرة في النزاع، بل يجب أن يمتد إلى المجتمع الدولي، الذي عليه التحرك بشكل عاجل لردع أي نوايا عدوانية تجاه المرافق النووية، ووضع بروتوكولات أمنية صارمة تمنع استخدامها كأهداف في الحروب.

في المقابل، فإن العودة إلى طاولة المفاوضات، مهما كانت مكلفة سياسيًا، تظل أقل خطرًا من إشعال فتيل حرب نووية بيئية، ستكون خسائرها أكبر من أن تُقدّر.

الرسالة الأخيرة: لا منتصر في حرب نووية

التاريخ يُعلمنا أن التهور في استخدام أو مهاجمة الأسلحة النووية لا يؤدي إلا إلى مآسٍ جماعية. وإن استمرار التلويح بالخيار العسكري دون النظر في عواقبه البيئية والإنسانية قد يُدخل المنطقة في نفق مظلم لا رجعة فيه.

لذلك، تبقى الرسالة الأهم الآن هي: الوعي، والحكمة، والضغط الشعبي والدولي من أجل السلام. لأن الانفجار النووي، إن حدث، لن يميز بين دولة وأخرى، ولن يرحم صغيرًا أو كبيرًا، وسيخلّف وصمة سوداء في تاريخ البشرية بأكمله.

شارك المقال :

Avatar photo

Egaz

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير إيجاز نيوز

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *