الضربات الأمريكية والإسرائيلية على إيران تدفع الشرق الأوسط نحو المجهول

في سابقة خطيرة قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط، شنت القوات الأمريكية والإسرائيلية هجمات جوية منسقة على مواقع عسكرية ونووية إيرانية، شملت منشآت تحت الأرض في “فوردو” وأهدافاً استراتيجية أخرى في أصفهان وكرمانشاه، وذلك فجر السبت 21 يونيو 2025.
الضربات التي نُفذت باستخدام طائرات الشبح والقنابل الخارقة للتحصينات، وُصفت بأنها “الأكبر منذ عام 2003″، ما أثار موجة تنديد دولي وتحذيرات من انزلاق المنطقة نحو حرب شاملة. وقالت وزارة الدفاع الأمريكية إن الضربات جاءت رداً على “تهديدات إيرانية مباشرة لأمن إسرائيل واستقرار المنطقة”.
الرد الإيراني: صواريخ ومُسيرات بلا هوادة
جاء الرد الإيراني سريعاً، حيث أطلقت الحرس الثوري عشرات الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيّرة على أهداف في إسرائيل، مستهدفة قواعد عسكرية ومطارات مدنية في تل أبيب والنقب. وأعلنت طهران أن “الرد مستمر إذا تكرر العدوان”، في حين أكدت إسرائيل اعتراض أغلب المقذوفات عبر منظومة القبة الحديدية.
وسائل إعلام إيرانية نشرت صورًا قالت إنها لدمار محدود في منشأة نطنز، بينما أصرّت الحكومة على أن الضربات لم تُصِب سوى مواقع فارغة بسبب “تدابير استباقية”. ومع ذلك، أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تعليق جميع عمليات تخصيب اليورانيوم مؤقتًا “لحين تقييم الأضرار”.
الموقف الدولي: قلق وتحذيرات
الأمم المتحدة دعت إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، بينما أعربت روسيا والصين عن قلقهما البالغ، محذرتين من “انفجار وشيك في المنطقة”. ووصفت الخارجية الألمانية ما حدث بأنه “خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى فوضى إقليمية”.
أما السعودية ومصر، فقد أصدرتا بيانين منفصلين يدعوان فيهما إلى التهدئة وضبط النفس، مع التأكيد على ضرورة العودة إلى المسار الدبلوماسي.
تحليل استراتيجي: حسابات الربح والخسارة
يرى الخبير العسكري الأمريكي الجنرال المتقاعد ديفيد بترايوس أن “الضربة كانت رسالة ردع قوية، لكنها تفتح الباب أمام تصعيد غير محسوب العواقب”. أما الباحث الإيراني مهدي نجاتي فقال إن “ما حدث سيعزز الجبهة الداخلية في إيران، لكنه يضعف علاقات طهران بالغرب لأمد بعيد”.
ويعتقد محللون أن الضربات لم تهدف فقط لتعطيل البرنامج النووي، بل لتوجيه رسالة ضمنية لطهران بعد تدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان، وهو ما تراه إسرائيل تهديدًا وجوديًا.
هل تندلع الحرب الإقليمية؟
رغم التصعيد، تُجمع معظم التقديرات على أن الطرفين لا يسعيان إلى حرب شاملة. ومع ذلك، فإن أي خطأ في التقدير قد يؤدي إلى اشتباك أوسع، خصوصًا في ظل تداخل المصالح الإقليمية والدولية، ووجود أطراف فاعلة مثل “حزب الله” والميليشيات العراقية.
وفي حال توسعت المواجهة، فإن أمن الخليج سيكون على المحك، وسيتأثر الملاحة في مضيق هرمز، وقد ترتفع أسعار النفط لمستويات غير مسبوقة، وهو ما يثير مخاوف الأسواق العالمية.
خاتمة
الهجوم الأمريكي الإسرائيلي على إيران ليس مجرد عملية عسكرية خاطفة، بل منعطف استراتيجي قد يُغير وجه المنطقة بأسرها. ومع غياب بوادر لتهدئة فورية، تبقى المنطقة في حالة ترقّب مشوب بالقلق، حيث يواجه الشرق الأوسط مجددًا سؤالاً قديمًا يتجدد: هل يسود صوت العقل أم تنفجر الفوضى؟