اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد التوترات الدولية

في ظل عالم يزداد اضطرابًا، عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعًا طارئًا في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الإثنين 23 يونيو 2025. جاء الاجتماع في لحظة فارقة تشهد تصاعدًا في التوترات الدولية، لا سيما في الشرق الأوسط وأوكرانيا، وتحديات داخلية تتعلق بالاقتصاد والطاقة والهجرة. وقد اجتمع الوزراء بهدف تقييم هذه التهديدات المتعددة وصياغة مواقف موحدة لمواجهتها.
المحادثات تناولت عدة ملفات متداخلة، أبرزها استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، والتصعيد العسكري الأخير في الشرق الأوسط، ومسألة تعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد، في ظل انقسامات بين دول الشمال والجنوب حول الأولويات والموارد.
الدعم لأوكرانيا يتصدر النقاش
جدد الاتحاد الأوروبي التزامه بدعم أوكرانيا سياسيًا وعسكريًا. وأعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد، جوزيب بوريل، أن الاتحاد بصدد إعداد حزمة مساعدات جديدة بقيمة خمسة مليارات يورو، تشمل معدات دفاع جوي وأنظمة مراقبة متقدمة. كما أكد أن وحدة الصف الأوروبي تجاه أوكرانيا “أمر حاسم في هذه المرحلة الحرجة”.
في المقابل، أعربت بعض الدول، وعلى رأسها المجر والنمسا، عن تحفظها على المساعدات العسكرية المتزايدة، معتبرة أن الاستمرار في تسليح أوكرانيا قد يطيل أمد النزاع بدلًا من إنهائه عبر الحوار.
تصعيد الشرق الأوسط يثير الانقسام
التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، خصوصًا الضربات الإسرائيلية والأمريكية على منشآت نووية إيرانية، ورد طهران العنيف، دفعت الاتحاد إلى دراسة تداعيات ذلك على الأمن الأوروبي. حيث طرحت فرنسا وأيرلندا مقترحًا لتجميد اتفاقيات الشراكة مع إسرائيل مؤقتًا، كوسيلة ضغط لوقف التصعيد. غير أن هذا الاقتراح قوبل بمعارضة من دول أخرى كألمانيا والتشيك، التي رأت أن “الأولوية هي منع اندلاع حرب إقليمية شاملة، لا فرض عقوبات إضافية تزيد من التوتر.”
وأكدت وزيرة الخارجية الإسبانية أن “استمرار تجاهل المعايير الدولية سيؤدي إلى انفجار إقليمي، تكون له عواقب إنسانية كارثية على الجميع”.
أزمة الدفاع والإنفاق العسكري
من الملفات المثيرة للجدل أيضًا، مقترح حلف الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي للدول الأعضاء إلى 5% من الناتج المحلي. وأثار هذا الاقتراح انقسامًا داخل الاجتماع، إذ عبّرت دول مثل إسبانيا وإيطاليا عن رفضها، معتبرة أن “الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الحالية لا تسمح برفع الإنفاق العسكري بهذا الشكل.”
في المقابل، دعت دول كبولندا ولاتفيا إلى اعتماد خطة تسليح شاملة لمواجهة ما أسموه بـ “التهديد الروسي المستمر”، خاصة في ظل قرب الانتخابات الرئاسية الروسية وتزايد احتمالات توسع العدوان.
تحليل: أوروبا بين التوازن والتحدي
يرى خبراء العلاقات الدولية أن الاتحاد الأوروبي يمر بمنعطف حساس يتطلب موازنة دقيقة بين التضامن السياسي، والاستجابة للتهديدات الأمنية، والحفاظ على وحدة الصف الداخلي. كما أن تأثير الأزمات على أسعار الطاقة، والهجرة، وسوق العمل الأوروبي، يضيف ضغوطًا اقتصادية قد تُحدث انقسامًا شعبيًا داخل الدول الأعضاء.
تقول الباحثة سارة الجندي من مركز الدراسات الأوروبية: “هذا الاجتماع ليس مجرد نقاش روتيني. إنه اختبار حقيقي لقدرة الاتحاد على أن يكون لاعبًا عالميًا فاعلًا، لا مجرد مراقب يحاول الحفاظ على تماسكه الداخلي.”
خاتمة
في ضوء المتغيرات السريعة، يبدو أن الاتحاد الأوروبي أمام تحدٍ صعب: الحفاظ على مبادئه السياسية والإنسانية، مع التصرف كقوة جيوسياسية حقيقية. ومع اختتام الاجتماعات، ينتظر العالم أن يرى إن كان الاتحاد سيتحول إلى صانع قرار قادر على التأثير، أم سيكتفي بدور المعلّق في عالم مضطرب.
68 / 100
نتيجة تحسين محركات البحث