☰ القائمة

البرهان في مدريد للمشاركة في مؤتمر التنمية : اليس هذا ضمن دوائر إختصاص رئيس الوزراء الجديد ؟

البرهان في مدريد للمشاركة في مؤتمر التنمية : اليس هذا ضمن دوائر إختصاص رئيس الوزراء الجديد ؟
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

إيجاز نيوز : 2025/06/30م

في زمنٍ تتدفق فيه الأخبار وتُروى كأنها نكات ثقيلة الظل، سمعنا نبأًا جعلنا نعيد النظر في تعريف كلمة “تنمية”. الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، يشد الرحال إلى إسبانيا. لا، ليس لقضاء عطلة على الشواطئ الإسبانية ، بل للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية!

وفي الوقت الذي يتدحرج فيه السودان نحو هاوية إنسانية واقتصادية بلا قاع، يغادر قائد المرحلة الانتقالية – والتي انتقلت بنا من دولة إلى ساحة حرب – متوجهاً إلى مدريد، ليتحدث عن “تمويل التنمية” و”أفضل الممارسات الاقتصادية”. يا للسخرية، ويا لها من لحظة تستحق التأمل، بل وربما البكاء، إن كان فينا متسع من الدموع لم يُذرف بعد.

عندما يُحاضر الجنرال في الاقتصاد

كيف لرجلٍ جاء من المؤسسة العسكرية، ولم يكن يوماً معروفًا بقراءاته الاقتصادية أو ميوله الإصلاحية، أن يصبح أحد المتحدثين في مؤتمر يُناقش تمويل التنمية؟ يبدو أن الأمم المتحدة قررت هذه المرة أن تمنح المنصة لمن يملكون الجرأة على تجاهل الواقع، لا من يسعون لتغييره.

دعونا نتأمل قليلاً: البلاد تعاني من نزوح داخلي تجاوز 10 ملايين مواطن، المدن تحترق أو تُقصف، والجنيه السوداني في غيبوبة تامة لا يُرجى شفاؤها، ومع ذلك، البرهان يذهب ليتحدث عن “تمويل مستدام” و”حلول فعالة”. هل هي نكتة أم اختبار لمدى تحمّل العالم لعبثية المشهد السوداني؟

فلسفة الهروب تحت شعار المؤتمرات

سفر البرهان ليس حدثاً جديداً في سلسلة رحلاته الدولية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، ولكن الجديد هذه المرة هو عنوان المؤتمر: “تمويل التنمية”. رجل لم يمول حتى إعادة تأهيل مدرسة ابتدائية واحدة، يذهب لمناقشة كيفية تمويل التنمية المستدامة في العالم الثالث!

والسؤال الحقيقي: هل ذهب البرهان إلى المؤتمر ليعرض تجربة السودان كنموذج حي على ما لا يجب فعله؟ أم أن وجوده مجرد محاولة أخرى لشرعنة نفسه سياسيًا أمام المجتمع الدولي، مستخدمًا مؤتمرات الأمم المتحدة كمنصات لإعادة التقديم، بعد أن فقد معظم أوراق اعتماده في الداخل؟

إسبانيا في زمن الحرب: مهارات رئيس الوزراء الجديد؟

يتساءل البعض: ألم يكن من المفترض أن يكون رئيس الوزراء هو من يشارك في مثل هذه المؤتمرات الدولية؟ لكن يبدو أن المنطق يُعدّ من الكماليات في السياسة السودانية اليوم. فالحكومة تُرسل قائد الجيش ام يكون قرار فردي ليحاضر العالم عن الاقتصاد والتمويل. أليس هذا من مهارات رئيس الوزراء الجديد ؟ أم أن البرهان قرر أن يختصر الطريق و”يؤدي الدورين معاً”؟

ربما يود البرهان إقناع الحضور بأنه رئيس مجلس السيادة، والقائد العام للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء، ووزير المالية بالنيابة، وخبير اقتصادي متنقل. السودان لم يعد دولة، بل مسرحًا لتجارب متعددة الأدوار، يؤديها ممثل واحد دون انقطاع.

خطابات طموحة… وواقع مفزع

من المتوقع أن يتحدث البرهان في المؤتمر عن أهمية “التكامل الإقليمي” و”إشراك المجتمعات المحلية في قرارات التنمية”، بحسب جدول المؤتمر. وهو أمر يدعو للضحك المرّ، لأن المجتمعات المحلية في السودان اليوم لا تجد ماءً صالحًا للشرب، ولا كهرباءً، ولا حتى أمانًا من القصف والنهب.

هل سيشرح البرهان للحضور كيف يتم “إشراك المجتمع المحلي” في القرارات، بينما يهرب الناس من بيوتهم طلبًا للنجاة؟ هل سيقدم نموذجًا مبتكرًا عن كيف أن “غياب الدولة” يمكن أن يكون مدخلًا لـ”اقتصاد ظل” يزدهر على أصوات المدافع؟

بين الخطاب الأممي وحقائق الأرض

السودان اليوم لا يحتاج إلى مؤتمرات، بل إلى وقف فوري للحرب، وإعادة بناء مؤسسات الدولة من تحت الرماد، ومحاسبة من دمّروا حاضرها وسرقوا مستقبلها. لكن يبدو أن البرهان اختار الطريق الأسهل: أن يظهر في صورة رجل الدولة المهتم بالتنمية، بينما ينهار كل شيء خلفه.

والأمم المتحدة، للأسف، تمنحه هذا الغطاء، بقبوله متحدثًا في مؤتمراتها، وكأنها قررت أن تُكمل مسرحية “الشرعية الشكلية” التي لا تستند إلى واقع أو شعب أو مؤسسات.

مؤتمر مدريد… أم استراحة محارب؟

قد يعود البرهان من مدريد وقد التقط صورًا مع مسؤولين دوليين، وقد ألقى كلمة بلغة خشبية مفعمة بالشعارات، لكن شيئًا واحدًا لن يتغير: أن الواقع في السودان لا يعرف شيئًا عن “تمويل التنمية”، بل يعرف كل شيء عن تمويل الحرب والدمار.

والسؤال الذي سيبقى معلقًا: هل نعيش في عالمٍ يكافئ من يهدم بلاده بدعوات حضور المؤتمرات؟ أم أن الدعوة لم تكن إلا جزءًا من حملة تلميع جديدة لرجل انتهت صلاحيته، لكن لم تُطبع بعد شهادة خروجه من المسرح؟

الصورة الرمزية

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير منصة إيجاز نيوز الإخبارية.

67 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

images 4 4