☰ القائمة

مكانان فقط آمنان في حال اندلاع حرب نووية: هل يملك العالم فعلاً ملاذًا؟

مكانان فقط آمنان في حال اندلاع حرب نووية: هل يملك العالم فعلاً ملاذًا؟
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية وتزايد الحديث عن سباق التسلح النووي، يتساءل العالم: هل من ملاذ آمن في حال اندلاع حرب نووية شاملة؟ تقرير بحثي حديث كشف عن وجود مكانين فقط على سطح الأرض يمكن اعتبارهما “آمنين نسبيًا” في حال وقوع الأسوأ، وهما: أستراليا ونيوزيلندا. لكن، ما الذي يجعل هذين البلدين ملاذًا محتملاً؟ وهل يكفي بعد المسافة والحياد السياسي للبقاء على قيد الحياة؟

السيناريو الأسوأ: ماذا تعني حرب نووية عالمية؟

تدرك الحكومات والعلماء حول العالم أن حربًا نووية عالمية لن تنحصر أضرارها في المناطق المستهدفة مباشرة، بل ستؤدي إلى تغيرات مناخية كارثية، وانخفاض كبير في درجات الحرارة، ودمار في سلاسل الإمداد الغذائي، إلى جانب التلوث الإشعاعي الهائل. وفقًا لدراسات من جامعة “راتجرز” الأميركية، فإن إطلاق 100 رأس نووي فقط – وهو عدد ضئيل مقارنة بما تملكه القوى الكبرى – كفيل بخفض الإنتاج الغذائي العالمي بنسبة قد تصل إلى 90%.

كيف تم تقييم الدول الأكثر أمانًا؟

الدراسة التي نُشرت في مجلة Risk Analysis استخدمت عدة معايير لتقييم قدرة الدول على النجاة والتعافي بعد حرب نووية، أبرزها:

  • الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
  • الاستقرار السياسي والاجتماعي.
  • البعد الجغرافي عن مواقع الصراع المحتملة.
  • توفر البنية التحتية والموارد الأساسية.

وبعد تحليل هذه المعايير على أكثر من 38 دولة، لم تنجح سوى أستراليا ونيوزيلندا في تحقيق نتائج مطمئنة نسبيًا. وجاءت دول مثل آيسلندا، بوتان، والأرجنتين بعدهما، لكنها لم تحقق نفس مستويات الأمان الغذائي والاستقرار السياسي طويل الأمد.

أستراليا: جزيرة الحظ أم وهم النجاة؟

أستراليا تتمتع بموقع جغرافي بعيد عن مراكز النزاعات النووية المحتملة، وتملك مخزونًا كبيرًا من الموارد الزراعية، وبنية تحتية قوية. كذلك، تمتاز بسياساتها الخارجية الحذرة، وعدم تورطها في تحالفات قد تضعها على قائمة الأهداف. لكنها في ذات الوقت، ليست بمنأى عن التبعات المناخية العالمية التي قد تلي حربًا نووية، كالتبريد النووي والانهيار البيئي. كما أن اعتمادها على التجارة العالمية في بعض المواد الحيوية قد يشكّل نقطة ضعف.

نيوزيلندا: واحة مستقلة على أطراف العالم

نيوزيلندا تعد دولة صغيرة لكنها ذات اقتصاد زراعي قوي ومكتفٍ ذاتيًا إلى حد بعيد. بعدها عن التحالفات العسكرية الكبرى وموقعها الجغرافي في أقصى جنوب الكرة الأرضية يمنحها ميزة استراتيجية في هذا السياق. كما أن شعبها يمتلك خبرة في التعامل مع الكوارث الطبيعية، مما يزيد من فرص التنظيم والتعافي في حال حدوث أزمة كبرى.

هل الأمان الجغرافي كافٍ؟

رغم هذه المؤشرات الإيجابية، يرى بعض الخبراء أن أي حرب نووية ستؤدي إلى اضطراب عالمي يجعل من الصعب على أي دولة – حتى الآمنة منها – البقاء دون أضرار كبيرة. فالتأثيرات المناخية مثل “الشتاء النووي” ستمتد لتشمل كوكب الأرض بأكمله، مهددةً الأمن الغذائي والموارد الطبيعية في كل مكان. كما أن موجات النزوح الجماعي ستشكل ضغطًا سياسيًا واقتصاديًا على البلدان الناجية.

أين تقف الدول العربية من هذا التصنيف؟

للأسف، لم تحقق أي دولة عربية شروط الأمان في حال نشوب حرب نووية شاملة. المنطقة تُعد من الأكثر اضطرابًا جيوسياسيًا، وتعتمد في معظمها على الاستيراد الغذائي، إضافة إلى قلة الاستعدادات اللوجستية لمواجهة أزمات طويلة الأمد. ومع ذلك، يمكن للدول العربية أن تستفيد من هذه الدراسات عبر بناء سياسات اكتفاء ذاتي وتعزيز قدرات الطوارئ طويلة المدى.

الرسالة الأهم: الوقاية لا الفرار

في نهاية المطاف، لا يتعلق الحديث عن “الملاذات الآمنة” بالترويج للرعب أو الهروب، بل بالدعوة إلى الحكمة. فالعالم بحاجة إلى تقليل الاعتماد على الردع النووي، وتعزيز الجهود الدبلوماسية لنزع السلاح. لأن الخيار الأكثر أمنًا، ليس في الابتعاد جغرافيًا عن القنابل، بل في منع انفجارها من الأساس.

فأستراليا ونيوزيلندا قد تكونان المكانين “الأكثر أمنًا” نظريًا في حال اندلاع حرب نووية، لكن لا أحد في مأمن فعليًا من تبعات تلك الكارثة. وحدها التوعية، والضغط الشعبي، والسياسات العالمية المسؤولة، قادرة على ضمان مستقبل يخلو من الكوابيس النووية التي تهدد كوكبنا بأكمله.

 

الصورة الرمزية

تم التحقق والنشر بواسطة فريق تحرير منصة إيجاز نيوز الإخبارية.

63 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

images 1 3