طفل يعيد خبزًا مسروقًا… ورد فعل البائع يبكي الجميع

في أحد أحياء المدينة القديمة، حيث تمتزج匿 الحياة اليومية بضجيج الشوارع وروائح الخبز الطازج، حدث مشهد استوقف المارة، وهزّ القلوب دون سابق إنذار. لم يكن بطله رجلًا عظيمًا أو شخصية شهيرة، بل كان طفلًا صغيرًا لا يتجاوز العاشرة من عمره، يرتدي ملابس بالية، ويجر حذاءً ممزقًا بالكاد يغطي قدميه.
رغيفان في اليد… وضمير حي
اقترب الطفل من عربة خشبية يعلوها صينية خبز ساخن، كانت تقف عند ناصية شارع مزدحم، تعوّد الناس على رؤيتها كل صباح. لكن هذا الطفل لم يكن زبونًا عاديًا. أخرج من جيبه رغيفين ملفوفين بورقة قديمة، ووضعهما بهدوء على العربة. وقف البائع مذهولًا، ثم سأله بقلق:
“إنت بتعمل إيه يا ابني؟”
رد الطفل بصوت خافت لا يكاد يُسمع من ضجيج الشارع:
“أنا خدت الرغيفين دول امبارح… من غير ما أدفع. كنت جعان… بس ضميري وجّعني، وجيت أرجّعهم.”
تجمّع الناس حول العربة بعدما التقطوا أطراف الحديث. أحد الرجال سأل باستغراب:
“يعني سرقهم…؟”
رد آخر بسرعة وهو ينظر للطفل بعينين دامعتين:
“رجّعهم بإيده… ده مش سارق، ده ضمير حي.”
الدموع تسبق الكلمات
وقف الطفل مطأطئ الرأس، كأنما يواجه محكمة صامتة من العيون المتسائلة. ارتجف صوته وقال:
“أنا مش حرامي… بس أمي مريضة، وملقيناش ناكل… وأنا مش عايز أكبر وقلبي مكسور.”
لم تحتج كلماته للكثير من التفسير. كان الجوع حاضرًا في صوته، والصدق مرسومًا في عينيه، والكرامة تغلّف دموعه. صمت البائع للحظات، ثم مدّ يده ومسح على رأس الطفل وقال له بنبرة امتنان:
“إنت راجل… أيوه، راجل بحق. اللي بيرجع الغلط برجله… أعظم من اللي ما غلطش أصلاً.”
هدية غير متوقعة… من الخبز إلى الكرامة
لكن القصة لم تنتهِ هنا. البائع دخل عربته وأخرج كيسًا كبيرًا، ملأه بعدة أرغفة طازجة، ووضع فيه علبة جبنة، وبعض الفول، وقنينة صغيرة من الحليب، ثم ناوله للطفل وقال بابتسامة كبيرة:
“هات ده لمامتك… وكل يوم تعال خد زيّه، بس وعدني إنك تفضل أمين زي النهاردة.”
لم يستطع الطفل تمالك دموعه، انفجر بالبكاء، واندفع نحو البائع ليعانقه بشدة، كأنما وجد في هذه اللحظة ما افتقده طيلة أيامه السابقة: الحنان، التفهّم، والقبول.
من موقف عابر إلى قصة وطنية
في لحظة خاطفة، كان أحد الواقفين يصوّر المشهد بهاتفه المحمول. لم يكن ينوي شيئًا سوى توثيق تلك اللحظة الإنسانية. وبعد ساعات، نشر الفيديو على وسائل التواصل بعنوان:
“الطفل اللي رجّع الرغيف… والعِبرة اللي رجّعتنا لإنسانيتنا.”
انتشر المقطع كالنار في الهشيم، وتعاطف آلاف المتابعين من جميع أنحاء العالم العربي مع الطفل، وانهالت عليه التعليقات الداعمة، والعروض من جمعيات رعاية الطفولة للمساعدة في علاجه ورفع معاناة أسرته.
أحد التعليقات لخص المشهد بأبلغ عبارة:
“الأمانة مش محتاجة سن… محتاجة قلب صاحي.”
الدرس الذي لا يُنسى
ربما يظن البعض أن رغيف الخبز لا يساوي شيئًا في عالمنا المادي، لكن بالنسبة لذلك الطفل، كان الرغيف امتحانًا للضمير، واختبارًا للكرامة. لم يكن الجوع هو العدو الحقيقي، بل الخوف من أن يفقد نفسه في دوامة الفقر والانحراف.
اختار أن يعود رغم الإحراج، رغم نظرات الناس، رغم أنه كان يستطيع أن يختفي ببساطة دون أن يعرف أحد. لكنه اختار أن يكون أكبر من سنه، أقوى من ظروفه، أصدق من أعذار المجتمع.
وفي المقابل، اختار البائع أن يكون إنسانًا لا تقتله القسوة، بل يحييه التعاطف. لم يُهن الطفل، لم يصرخ، لم يعاقب، بل احتضنه بكيس خبز، ومدّ له يدًا قد تُغيّر مستقبله.
خاتمة تستحق التذكر
بعد أيام قليلة، ظهر الطفل مرة أخرى أمام العربة. هذه المرة، جاء مع امرأة نحيلة الملامح، ترتدي طرحة بسيطة، كان واضحًا أنها والدته. اقتربت من البائع وقالت:
“أنا بشكرك من قلبي… ابني رجع لي بكرامة، مش ببقين عيش.”
ابتسم البائع وأجابها:
“الكرامة مش محتاجة كنز… محتاجة ضمير واحد حي.”
وهكذا، من رغيف خبز واحد… تعلّم الجميع درسًا في الإنسانية، والصدق، والرجولة المبكرة.
هل مررتَ بموقف مشابه؟ هل رأيت في يوم من الأيام طفلاً يُعلّم الكبار درسًا لا يُنسى؟ احكِ لنا قصتك… فقد تكون قصتك هي الإلهام التالي.