امرأة مسنّة ظلت تزور ابنها في المستشفى… ثم اكتشف الجميع المفاجأة

في أحد أجنحة العناية المركزة داخل مستشفى عام مزدحم، كانت هناك سيدة في السبعين من عمرها، بملامح هادئة وثياب بسيطة، تظهر كل صباح بانتظام. لا تحمل هاتفًا محمولًا، ولا ترتدي مجوهرات، بل تكتفي بحقيبة قماشية قديمة تحوي بداخلها مصحفًا صغيرًا، وعلبة عصير، وورقة مهترئة تقرأ منها همسًا كل يوم.
روتين أثار تساؤلات الجميع
في البداية، لم يلتفت أحد لوجودها، لكن مع مرور الأيام، أصبح حضورها مشهدًا مألوفًا للطاقم الطبي والمرضى على حد سواء. كانت دائمًا تجلس بجوار شاب في العقد الثالث من عمره، فاقد للوعي إثر حادث مروري مروّع، لا يحمل أي أوراق تثبت هويته، ولا يوجد من يسأل عنه. سُجل تحت اسم “مجهول”.
الممرضة (ص)، التي كانت تتابع حالته، لاحظت أن السيدة لا تسأل عن تفاصيل طبية، ولا تطلب شيئًا لنفسها، بل تكتفي بالجلوس بجانبه، تمسك يده أحيانًا، وتهمس بدعوات خافتة. سألتها يومًا، بدافع الفضول الإنساني: “هل هذا ابنك فعلًا؟”
فابتسمت السيدة بحنو وقالت: “مش ابني… لكن من أول ما شُفته، حسيت إن قلبي اتعلّق بيه… يمكن علشان فقدت ابني من ٣ سنين، وحسيت إن ده تعويض من ربنا.”
الممرضة (ص): “ما شُفتش حنان بالشكل ده قبل كده”
ردّ السيدة جعل (ص) تشعر برجفة غريبة. ليست أمه؟ إذًا ما الذي يدفعها للحضور يوميًا؟ الجلوس لساعات؟ والدعاء والقراءة له وكأنها والدته الحقيقية؟
بدأت القصة تنتشر بين أفراد الطاقم، وتحوّلت هذه الزيارات إلى حديث العاملين بالمستشفى. إحدى العاملات قالت: “فيه ناس بتزور أهلها نص ساعة وتمشي، وهي بتيجي من الصبح وتفضل قاعدة لحد العصر… من غير ما تزهق.”
قصة تصل إلى مواقع التواصل
أحد الزائرين للمرضى، شاب ثلاثيني يُدعى (ك)، نشر على صفحته قائلًا: “فيه ست بتيجي كل يوم تزور شاب في الغيبوبة… ومش قرايب ولا تعرفه، بس بتقول إنه شبه ابنها اللي راح… أنا اتعلمت يعني إيه أم مش بالدم، لكن بالرحمة.”
المنشور انتشر بسرعة، وتفاعل معه المئات، وبدأ بعض المتابعين يترددون على المستشفى خصيصًا لرؤية “أم المجهول”، كما أطلقوا عليها لاحقًا.
المعجزة التي أذهلت الجميع
في صباح اليوم السابع عشر من وجودها، وأثناء جلوسها في هدوء كعادتها، حدث ما لم يكن في الحسبان. الشاب فتح عينيه ببطء، نطق أول كلماته: “ماما…”
الممرضون هرعوا إلى الغرفة، وأحدهم خرج مسرعًا ليخبر السيدة التي كانت في طريقها للخروج. حين سمعت الخبر، توقفت، وعادت إلى الغرفة بخطى بطيئة.
دخلت، واقتربت منه، دموعها تسبق خطواتها، أمسكت بيده وقالت له بصوت مبحوح: “أنا مش أمك يا حبيبي… بس قلبي حبك كأنك ابني.”
ردّ الشاب بصوت ضعيف: “إزاي؟! كنتي هنا من إمتى؟” فقالت له: “من أول ما حسيت إنك محتاج حضن… وحضني كان فاضي.”
الصدمة… من هو الشاب؟
بعد أن استعاد وعيه تمامًا، وأدلى باسمه وبعض التفاصيل، تواصلت الشرطة مع أسرته. كانت عائلته تبحث عنه منذ أكثر من أسبوعين، بعد أن فقد الاتصال بهم عقب حادث سير وقع في طريق سريع، وتبيّن أنهم من محافظة أخرى بعيدة.
وصل والده وأخته إلى المستشفى، وانهاروا بالبكاء حين علموا أن امرأة غريبة كانت تزوره يوميًا وكأنها أمه. الأم الحقيقية لم تتمالك نفسها، وأمسكت بيد السيدة، وقالت: “حضنك رجّع لي ابني.”
نهاية لا تُكتب بالحبر… بل تُحفر في القلب
غادر الشاب المستشفى بعد أيام، لكنه لم يغادر قلب المرأة المسنة. زارها في بيتها الصغير مع أسرته، وأصر أن يناديها “أمي” أمام الجميع. قال لها: “الناس اللي بيولدونا مش دايمًا بيكونوا هما بس أهلنا… في ناس ربنا بيبعتهم في وقت الشدة، ويثبتوا إن الحب مش له علاقة بالدم.”
ومنذ ذلك الحين، صار يزورها كل أسبوع، ويحرص على اصطحاب بعض الهدايا البسيطة، ويجلس معها لساعات، يتحدثان عن الحياة، والذكريات، والأحلام.
الخاتمة: من يُشعل النور لمن حوله؟
علق أحد الممرضين لاحقًا قائلًا: “أنا اشتغلت في أماكن كتير، وشُفت مواقف إنسانية، بس زي الموقف ده… لا. الست دي علمتنا يعني إيه حنية… يعني إيه قلب مش محتاج مقابل.”
“مش كل أم ولدته… في أمهات بيولدهم الحنان وقت ما الواحد بيكون وحيد.”
هل حدث معك يومًا أن شعرت بالدفء من شخص لا يربطك به شيء؟ هل مررت بتجربة جعلتك تؤمن أن الحب والرحمة أقوى من الدم والنسب؟
شاركنا قصتك… فربما تُنير كلماتك قلبًا آخر يبحث عن دفء لا يُرى.