رجل فقير دخل مطعمًا راقيًا… ففاجأ الجميع بما فعله

كان مساء الخميس مزدحمًا في أحد المطاعم الراقية بوسط المدينة، حيث الأضواء خافتة ناعمة، والموسيقى الكلاسيكية تنساب برقة في الخلفية، والطاولات مرتبة بعناية بمفارش بيضاء وكؤوس براقة. جلس الزبائن يتبادلون الأحاديث والضحكات، بعضهم يحتفل، وبعضهم يتناول عشاء عمل، بينما كانت رائحة الطعام الشهي تملأ الأرجاء.
نظرات الاشمئزاز… والسكوت المحرج
فجأة، انفتح باب المطعم بهدوء، ودخل رجل يبدو عليه الفقر، نحيف الجسد، يرتدي ملابس قديمة لكنها نظيفة ومكوية. في يده كيس بلاستيكي شفاف، وخطواته مترددة. نظر حوله، عيناه تدوران في أرجاء المكان وكأنه يبحث عن شيء محدد.
اقترب منه النادل، وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة مجاملة، وقال بصوت هادئ مشوب بالحذر: “معذرة يا حج… المطعم محجوز بالكامل الليلة.”
لكن الرجل لم يتراجع، بل رد بهدوء مدهش: “أنا مش جاي آكل… جاي أطلب خدمة بسيطة، لو تسمح.”
بدأ الزبائن يلاحظون الموقف، بعضهم رمقه بنظرات استهجان، وبعضهم أدار وجهه في صمت. اقترب المدير على الفور، يحاول فهم الموقف دون أن يُحدث ضجة. قال للرجل: “حضرتك محتاج إيه؟”
خفض الرجل صوته وقال بصوت مكسور، لكنه واضح: “أنا ساكن في العمارة اللي ورا المطعم، وكل ليلة بسمع الضحك والمزيكا، وابني الصغير بيسألني دايمًا: ‘يا بابا، الناس دي بتضحك ليه وإحنا ساكتين؟'”
طلب غير متوقع… وصمت ثقيل
أضاف الرجل وهو يُخرج ورقة مطوية من جيبه: “أنا مش جاي أطلب فلوس، ولا حتى أكل ليّ، بس نفسي أخد طبق صغير… صغير بس… أوديه لابني، وأقوله: ‘ده من المطعم اللي بيضحك الناس’. مش علشان يشبع، بس علشان يفرح.”
كلماته انزلقت وسط الصمت، ثقيلة… موجعة. النادل وقف مترددًا، والزبائن تبادلوا النظرات دون تعليق. بعضهم أشاح بوجهه خجلًا، وآخرون انشغلوا بهواتفهم وكأنهم لم يسمعوا.
موقف فتاة شابة… قلب المشهد تمامًا
ثم، فجأة، وقفت فتاة عشرينية من إحدى الطاولات الخلفية، كانت تجلس مع والدتها، وقالت بصوت عالٍ بما يكفي ليسمع الجميع: “أنا هادفعله الطلب… وبالظبط نفس اللي أنا طلباه.”
مدّت بطاقتها البنكية للنادل، وأضافت: “ده مش فضل… ده أقل حاجة نقدر نقدمها.”
وهنا تغيرت الأجواء تمامًا. رجل ثلاثيني قال من طاولته: “ضيفوا له عصير فريش.” وآخر أضاف: “زودوا حلو كمان… والطفل أكيد هيحب حاجة بالشوكولاتة.”
رجل في منتصف العمر رفع يده وقال: “اعزموه هو وابنه يتعشوا هنا بكرة… على حسابي.”
ردة فعل الرجل الفقير… من القلب
الرجل لم يستطع الكلام، فقط ظل يكرر بهمس باكٍ: “ربنا يخليكم… ربنا يفرح قلوبكم… ابني هيفرح أوي.”
ثم فتح كيسه البلاستيكي، وأخرج منه ورقة صغيرة مطوية، ناولها للمدير، وقال بخجل: “ممكن تكتبوا اسم الأكل هنا؟ علشان لما أوصل لابني، أقوله الاسم بالضبط… هو بيحب يسأل كتير.”
نظر إليه المدير، وقد ترقرقت الدموع في عينيه، وأجابه: “مش بس هنكتب لك الاسم… هنطبع له منيو صغير باسمه.”
الخاتمة… صمت مختلف
غادر الرجل المطعم بهدوء، وهو يحمل في كيسه طبقًا واحدًا، لكنه يحمل معه أكثر من طعام… كان يحمل كرامة، وفرحة، ونظرة احترام. بقي الزبائن في أماكنهم، لكن لم تعد الضحكات كما كانت، ولا الأحاديث بنفس السطحية. كتب أحدهم على تويتر:
“رجل فقير دخل المطعم ليأخذ السعادة لابنه… فخرجنا نحن نشعر أننا كنا فقراء القلوب.”
وكتب آخر: “مش كل الناس جعانة أكل… في ناس جعانة لمسة رحمة، أو لحظة اعتراف بوجودهم.”
درس غير متوقع… من زائر غير مدعو
في اليوم التالي، علق المطعم ورقة على باب الدخول، كتب فيها: “مرحبًا بكل من يدخل بنيّة طيبة… فالسعادة ليست حكرًا على أحد.”
أما الفتاة التي بدأت الموقف، فقالت لصديقتها لاحقًا: “مكنتش ناوية أقول حاجة… بس حسّيت إن لو سكت، مش هقدر أبص في المراية تاني.”
كلمة أخيرة… قد تغيّر يوم شخص آخر
منذ تلك الليلة، أصبح ذلك المطعم معروفًا في المنطقة باسم “مطعم الإنسانية”، وتداولت القصة عبر الإنترنت مئات المرات. أحد الموظفين قال بعدها:
“الليلة دي خلتنا نفتكر ليه ابتدينا الشغل في الضيافة من الأساس… مش بس علشان نُرضي بطون الناس، لكن علشان نكرّمهم.”
فهل قلت يومًا لشخص يمر بجانبك: “أنا شايفك”؟ هل مددت يدك دون أن تُسأل؟
افعل… فقد تكون رسالتك الصغيرة هي الوجبة التي تُشبع قلبًا، وتُحيي روحًا.