كرسي خشبي قديم… لكنه استطاع تغيير حياة شاب!

كرسي خشبي قديم… لكنه استطاع تغيير حياة شاب!
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp
📢 شارك القصة مع من تحب

في ركن ضيق من ورشة نجارة متواضعة، جلس “ع،م” الشاب العشريني، يُحدّق في صمت بكومة الأخشاب المتناثرة أمامه. كانت يداه مشققتين من آثار العمل اليومي، وملابسه تُغطيها طبقات من الغبار كما لو كانت درعه الذي يحتمي به من قسوة الأيام. لم يكن يشتكي، ولم يكن ينتظر شيئًا. فقط كان ينظر إلى قطعة خشبية مهملة، وشيء داخله يُهمس: “حتى هذه القطعة تستحق فرصة جديدة.”

من الفقر إلى الحلم… طريق محفوف بالألم

وُلد “ع،م” في حي شعبي ضيق، بين جدران متقاربة بالكاد تمر منها الشمس. لم يعرف الترف يومًا. والده كان نجارًا بسيطًا يُصارع لقمة العيش بأظافره. ورغم ضيق الحال، كان ذلك الأب يعلّمه كيف يُمسك بالأدوات، كيف يحترم الخشب ويعامله ككائن حي، كيف يصبر ليُخرج منه الجمال. كان ذلك هو أول درسه في الحياة: أن الإبداع يحتاج وقتًا وعرقًا.

في السادسة، كان يُساعد والده في تنظيف الورشة. في التاسعة، بدأ يُمسك بالأدوات بحذر. وفي الثانية عشرة، صنع أول قطعة خشبية صغيرة، طاولة قهوة لم تكن مستقرة تمامًا، لكنها كانت فخره الأكبر. ومع الوقت، أصبح الحلم أكبر: أن يمتلك ورشته الخاصة، أن يُصمم قطع أثاث تحكي قصصًا، أن يترك بصمته.

لكن الحياة لا تسير دائمًا كما نرغب. بعد وفاة والده، انهارت الأسرة، وبيعت الورشة لتغطية الديون، ووجد “ع،م” نفسه مضطرًا للعمل بأجر يومي في ورش لا تهتم إلا بسرعة الإنجاز، لا باللمسة الفنية. كان يعمل بيده، ويكتم موهبته في قلبه.

الكرسي المكسور… وتلك النظرة المختلفة

في أحد الأيام، أثناء تنظيف مخزن قديم داخل إحدى الورش، صادف كرسيًا خشبيًا متهالكًا، مغطى بالغبار والعفن، كأن أحدًا لم يجلس عليه منذ عقود. سأل صاحب الورشة إن كان يريد رميه، فأجابه مبتسمًا: “ارمه، لا يصلح لشيء.” لكن “ع،م” لم يفعل. طلب الاحتفاظ به.

سخر منه الجميع. “كرسي مكسور؟ هل تنوي الجلوس عليه في أحلامك؟” لكنه لم يرد. لم يرَ كرسيًا مكسورًا فقط، بل رأى فرصة. رأى نفسه فيه. وكأن بينهما صلة روحية لا تُفهم بالكلام.

كل ليلة… خطوة نحو البعث من جديد

في كل مساء، كان يحمل جزءًا من ذلك الكرسي إلى غرفته الصغيرة، ويبدأ العمل. أزال الطبقات القديمة، صنفر الخشب بحذر، ثبت الأرجل المكسورة، أصلح المفاصل المهترئة. لم يكن يملك أدوات متطورة، لكنه كان يملك شيئًا لا يُشترى: الإيمان.

خاطب الكرسي بصوت خافت ذات ليلة: “أنت لست عديم القيمة، فقط لم يمنحك أحد فرصة.” كان يُنقّي تفاصيله وكأنه يُنقّي روحه. أضاف عليه نقوشًا ترمز إلى الحنين، غلّفه بطبقة من الورنيش النقي، واختار له وسادة من قماش قديم أعاد خياطته يدويًا. أصبح الكرسي ليس مجرد أثاث… بل قصة.

بوست بسيط… صدى كبير

في لحظة عابرة، التقط له صورة، ونشرها على صفحته البسيطة في مواقع التواصل. كتب: “كرسي قديم… صنعته من ذكرياتي.” لم يتوقع شيئًا. بالكاد كان لديه خمسون متابعًا. لكنه استيقظ في اليوم التالي على إشعارات متتالية، ورسائل، وتعليقات لم تنقطع.

شاركت إحدى الصفحات الفنية الكبرى صور الكرسي وكتبت: “من هو هذا المبدع الصامت؟” وتوالت المشاركات والرسائل. وصلته عروض من معارض حرفية، دعوات للمقابلات، طلبات شراء، بل حتى مؤسسات طلبت منه تدريب الشباب.

في أقل من شهر، تغيرت حياته بالكامل. من شاب مجهول يعمل في الظل، إلى قصة ملهمة يتداولها الناس.

ورشة “الكرسي الأول”

بمساعدة بعض الأصدقاء، وعدد من المتابعين الذين آمنوا به، استطاع أن يؤسس ورشته الخاصة. سماها: “الكرسي الأول”. لم يختر الاسم عبثًا. بل وضع الكرسي نفسه في زاوية أنيقة من الورشة، وعلّق فوقه عبارة تقول: “كل شيء يبدأ بما لا يراه الآخرون.”

أصبح يُدرّب شبانًا آخرين مثلما كان هو يومًا ما. يعلّمهم أن الفن ليس رفاهية، بل وسيلة للنجاة. أن الخشب ليس مجرد مادة، بل حكاية تنتظر من يكتبها. وأن الحلم، حتى إن كان بسيطًا، يستحق السعي.

ما وراء الكرسي… رسالة لكل قلب يائس

قصة “ع،م” لم تكن عن كرسي فقط، بل عن إعادة اكتشاف النفس. عن كيف يمكن لحلم بسيط أن يُعيد للإنسان هويته وكرامته. عن كيف يمكن لفكرة صغيرة أن تصنع أثرًا كبيرًا.

الحياة أحيانًا تُلقي بنا جانبًا كما أُلقي بذلك الكرسي. تُصيبنا الخيبات، نبدو مكسورين، غير صالحين للاستعمال. لكن الحقيقة أن بداخل كل واحد منا جوهر نقي ينتظر فقط من يُزيل عنه الغبار.

رسالة أخيرة

لا تستهِن بما تملكه من مهارة، ولا تحتقر حلمك لمجرد أنه صغير. ربما قطعة خشب مكسورة، أو فكرة غير مكتملة، أو تجربة فاشلة… تكون هي المفتاح.

لا تيأس، ولا تنتظر أن يراك الآخرون… اصنع ذاتك بيدك. فربما في زاوية ضيقة من حياتك… يوجد “كرسيك الأول”.

📢 شارك القصة مع من تحب
61 / 100 نتيجة تحسين محركات البحث
شارك موضوع الخبر
Facebook Twitter Telegram WhatsApp

اترك تعليقًا أو أرسل موضوعًا أو قصة