القمة العربية في بغداد 2025: العراق يعود إلى صدارة المشهد العربي

تستضيف العاصمة العراقية بغداد، اليوم السبت 17 مايو 2025، أعمال الدورة الرابعة والثلاثين للقمة العربية، وسط أجواء إقليمية مشحونة وتحديات كبرى تمر بها الأمة العربية. القمة، التي تُعد الأولى من نوعها التي تعقد في بغداد منذ عام 2012، تمثل فرصة نادرة للعراق للعب دور قيادي في المنطقة، وفرصة للقادة العرب لتوحيد المواقف تجاه قضايا مصيرية، أبرزها فلسطين، وسوريا، والتنمية العربية المشتركة.

بغداد مركزًا للدبلوماسية العربية

بدأ توافد القادة والوفود العربية إلى بغداد منذ فجر اليوم، في مشهد يعكس الاستعداد العراقي السياسي والأمني واللوجستي لإنجاح هذا الحدث البارز. وقد وصل إلى العاصمة كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، وعدد من رؤساء الدول والوزراء العرب.

الاستقبال العراقي كان على أعلى المستويات، حيث أُقيمت مراسم رسمية لاستقبال الوفود في مطار بغداد الدولي، وتم تأمين طرق الوفود عبر خطط أمنية محكمة.

ملفات القمة: فلسطين تتصدر المشهد

تأتي القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال القمة، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والتصعيد في الضفة الغربية. دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى توفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني، مطالبًا بتشكيل لجنة عربية للتوجه إلى مجلس الأمن، ومحاسبة إسرائيل على الجرائم التي ترتكبها بحق المدنيين.

كما شدد عدد من القادة العرب، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، على ضرورة التوصل إلى موقف عربي موحّد، يضغط دوليًا لوقف العدوان وتفعيل قرارات الشرعية الدولية بشأن القضية الفلسطينية.

عودة سوريا وتحديات العمل العربي المشترك

تحمل القمة أهمية استثنائية نظرًا لمشاركة سوريا بعد سنوات من تعليق عضويتها في الجامعة العربية. مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد تمثل علامة على تحولات عميقة في مواقف الدول العربية، ومؤشرًا على تجاوز مرحلة الانقسام الحاد الذي طبع العمل العربي خلال العقد الماضي.

كما تبحث القمة سبل تعزيز الأمن العربي المشترك، والتصدي للتدخلات الأجنبية، ومكافحة الإرهاب، وإنهاء النزاعات في دول مثل ليبيا، السودان، واليمن.

البعد الاقتصادي والتنمية المستدامة

تتناول القمة أيضًا قضايا التنمية الاقتصادية، وتحقيق التكامل العربي في مجالات الطاقة، الأمن الغذائي، التكنولوجيا، والتعليم. وطرح العراق خلال الاجتماعات التحضيرية مشروع “رؤية بغداد للتعاون العربي”، والذي يتضمن مقترحات بإنشاء صندوق للتنمية العربية، ومبادرات لبناء مناطق اقتصادية مشتركة.

الرؤية تسعى إلى تحويل الجامعة العربية من منصة سياسية تقليدية إلى كيان فاعل في المشاريع التنموية الإقليمية، بما يعزز الاستقرار والنمو في الدول الأعضاء.

العراق يستعرض جاهزيته للقيادة

استضافة القمة العربية في بغداد تعكس ثقة متزايدة في قدرة العراق على قيادة الملفات الإقليمية، بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار. وأكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في كلمته الافتتاحية أن بغداد اليوم تفتح ذراعيها لكل الأشقاء العرب، وتدعو إلى تجديد مشروع العمل العربي المشترك، على أسس جديدة قائمة على المصالح المتبادلة والتكامل لا التنافس.

كما أشاد القادة العرب بالجهود العراقية في تنظيم القمة، حيث جاءت التحضيرات على مستوى عالٍ من الكفاءة، من حيث البنية التحتية، الخدمات، والأمن.

تأمين القمة: خطة أمنية شاملة

وضعت السلطات العراقية خطة أمنية مرنة ومتكاملة لتأمين القمة، شملت غلق بعض الطرق الحيوية، وتشديد الحواجز الأمنية، وتفعيل منظومة مراقبة إلكترونية حديثة.

قائد عمليات بغداد، الفريق الركن وليد التميمي، أكد أن القوات الأمنية بجميع تشكيلاتها على أهبة الاستعداد، وأن الخطط قابلة للتعديل الفوري حسب مجريات الأحداث.

آمال وتطلعات الشعوب العربية

يتابع الشارع العربي أعمال القمة بترقب كبير، وسط آمال بأن تُنتج قرارات حقيقية تُلامس هموم الناس. وأكد رئيس البرلمان العربي أن الشعوب العربية تتطلع إلى نتائج ملموسة تعزز من استقرارها وتضع حدًا للصراعات والانقسامات.

كما عبّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في رسالة دعم للعراق، عن ثقته بنجاح القمة، مشيدًا بالعلاقات العميقة بين مصر والعراق، ومؤكدًا أن دعم بغداد في رئاستها للقمة واجب قومي.

رمزية المكان والزمان

اختيار بغداد ليس مصادفة، فهي رمز التاريخ العربي، وعودتها اليوم كمركز سياسي ودبلوماسي يمثل خطوة مهمة في مسار استعادة التوازن العربي. كما أن توقيت القمة، في ظل التحولات العالمية والتحديات الإقليمية، يضاعف من قيمة المواقف التي ستصدر عنها.

هل تكون قمة بغداد نقطة تحوّل؟

يبقى السؤال: هل تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها؟ هل ستتحول البيانات الختامية إلى سياسات واقعية؟ المراقبون يرون أن هناك نضجًا سياسيًا جديدًا في الخطاب العربي، ومبادرات جادة مثل “رؤية بغداد” التي قد تشكل أرضية لبداية جديدة.

نجاح القمة لا يقاس فقط بالكلمات، بل بمتابعة تنفيذ القرارات، وخلق آليات رقابة عربية، وهو ما ينتظره المواطن العربي المتعطش للاستقرار والتنمية والكرامة .

  • أخبار ذات صلة

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    رياضة ومشاهير

    الذكاء الاصطناعي: كيف يغيّر ملامح المستقبل في جميع المجالات؟”بقلم: فريق تحرير إيجاز نيوز

    • مايو 12, 2025
    • 53 views
    الذكاء الاصطناعي: كيف يغيّر ملامح المستقبل في جميع المجالات؟”بقلم: فريق تحرير إيجاز نيوز
    إيجاز غير مسؤولة عن المحتوي الخارجي والاراء تمثل وجهة نظر كاتبها .